ثلاث رسائل فقهية - الشيخ لطف الله الصافي - الصفحة ٤١
ولعل قوله صلى الله عليه وآله (إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان) إشارة وتوطئة لبيان أنه لا يقضي بعلمه بالواقعيات بل يقضي كغيره بالبينات والأيمان.
فعلى هذا يمكن تصحيح القول بقاعدة العدل والانصاف في الجملة في الموارد التي لا يمكن الحكم فيها بالبينة واليمين واليد، كما إذا كان مال بين شخصين كل واحد منهما يعلم أنه إما له أو لصاحبه، ولا يد لأحدهما عليه، فالحكم في ذلك، التنصيف دون القرعة عملا بقاعدة العدل والإنصاف.
وكذا إذا كان المال بيد المتنازعين ولا بينة، وقلنا بعدم كون كل منهما مدعيا للنصف الآخر ومدعيا عليه في نصفه، فعلى هذا تنحصر موارد القرعة بما إذا لم يمكن في المورد الحكم بالبينة أو اليمين أو اليد، حيث لا علم للقاضي بالواقع ولا يمكن العمل بقاعدة العدل والإنصاف.
هذا، وقد ظهر من ذلك كله بطلان احتمال الرجوع إلى القرعة إذا لم تكن لواحد منهما البينة وأن الحكم هو القضاء بينهما نصفين، وإذا كانت بينة كل واحد منهما معارضة ببينة الآخر فالقضاء بالحلف وتعيين الحالف بالقرعة أو بالتحالف على تفصيل يأتي إنما يتم إذا كان لهما أو لواحد منهما يد على المال، ومع عدم ذلك فلا بد من القضاء بكون المال بينهما.
فإن قلت: إذا آل أمر القرعة إلى هذا الضيق مع كونها طريقا إلى الواقع، فكيف يرتفع التهافت بين كونها كذلك وحصر جواز الرجوع إليها في موارد لم تكن مجرى لقاعدة من القواعد أو أصلا من الأصول.
قلت: إن القرعة ليست بنفسها ومن غير إذن الشارع وتضمينه طريقيتها طريقا إلى الواقع، وليس فيها مطلقا وبالذات جهة كشف ناقص يتمها الشارع
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»