ثلاث رسائل فقهية - الشيخ لطف الله الصافي - الصفحة ٤٠
يتعلق بحقوق الناس والماليات مما يقع فيه بينهم التنازع والتخاصم فالحكم فيه يجب أن يكون حكما بالحق أو يقال بأن الحكم بالعدل أعم مما ذكر والحكم بالحق، فكل حكم بالحق حكم بالعدل دون العكس، لا لأن الحكم بالعدل في بعض الموارد حكم بغير الحق حتى يكون الحكم بالعدل والإنصاف منه، بل لعدم كون الأحكام النظامية أحكاما حقوقية فالحكم بها حكم بالعدل وليس حكما بالجور ولا بالباطل كما أنه ليس حكما بالحق بخلاف الأمور الحقوقية والمالية مما يقع فيه بين الناس التنازع، فالحكم فيها يجب أن يكون بالحق حسب ما يقتضيه قواعد القضاء من البينة واليمين والإقرار وعلم الحاكم وهو حكم بالعدل أيضا، نعم حكم الحاكم في الأمور النظامية حكم حق وليس حكما بالحق فتدبر.
ولكن يمكن أن يقال: إن ما هو الواجب في مقام القضاء هو الحكم بالعدل لا الحكم بالواقع الذي يعبر عنه بالحكم بالحق، كما يصح أن يعبر عن الحكم بالعدل أيضا بالحكم بالحق لا بما أنه حكم بالواقع، لأنه يحتاج إلى العلم بالغيب وإعماله ممن كان عنده بإذن الله تعالى، بل لأنه حكم بالقانون والقواعد القضائية، وبأحكام الله الحقة، فالحكم بالواقع حكم بالحق بكلا معنييه، وإن كان الحاكم غير عالم بكونه حكما بالواقع، ويجوز أن يكون المراد من قوله تعالى خطابا لداود (إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق) الحكم بالواقع كما خص الله بذلك أيضا على حسب ما يستفاد من الأخبار مولانا المهدي عليه السلام، فإنه مأذون بالحكم بالواقع كما كان داود مأذونا به.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»