دلت عليها أدلتها (1) لا مجال للرجوع إلى مثل قاعدة العدل والإنصاف وتقديمها عليها، ولا يصح أن يقال إنها أمارة وطريق إذ لم يكن أصل لرجوع ذلك إلى التهافت وتأخر ما رتبته التقدم، وتقدم ما رتبته التأخر. هذا مضافا إلى أنه إن قلنا بأن موضوعها كما يستفاد من الأحاديث الجهل بالواقع مثل موضوع سائر الأمارات، لا مجرد الإعضال والإشكال فالجهل بالواقع باق لا يرتفع بالجمع بين الدعويين والعمل بالنصف والعدل.
والحاصل أن الحكم بالنصف والعدل بالجمع بين الدعويين رتبته رتبة الأصل لا نظر له إلى الواقع بخلاف القرعة، فإن لها مرتبة الأمارة والطريقية، والنظر إلى الواقع فالقرعة أمرها أوسع وأشمل من سائر الأمارات لأنها طريق إلى الواقع، وترشد إليه، والقرعة ترشد إلى الواقع في موارد وإلى ما ينبغي أن يكون العمل به ويختاره الله تعالى فيما ليس معينا في الواقع فكما لا يقدم الأصل على سائر الأمارات لا يقدم عليها أيضا.
فإن قلت: قد روى ثقة الإسلام الكليني قدس سره عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام اختصم إليه رجلان في دابة، وكلاهما