ثلاث رسائل فقهية - الشيخ لطف الله الصافي - الصفحة ٣٥
أما الاحتمال الأول وهو الرجوع إلى القرعة ابتداء فوجهه كونها لكل أمر مجهول، وأنه ليس من قوم تنازعوا ثم فوضوا أمرهم إلى الله إلا خرج بينهم المحق . ولا ريب أن ما نحن فيه من الأمور المجهولة التي تشملها قاعدة القرعة، ورواياتها الكثيرة المتواترة معنى بل وإجمالا أيضا، لأن القدر المتيقن من الموارد التي تشملها أدلة القرعة هو الشبهة الموضوعية المحصورة المقرونة بالعلم الإجمالي التي وقع فيها التنازع والتخاصم، وادعي كل واحد من المدعيين أن موردها حق له من غير أن يكون لواحد منهما ولغيرهما يد عليه ولا بينة لإثبات مدعاه عند الحاكم أو صارت بينته معارضة ببينة الآخر، ولو كان القدر المتيقن من أدلتها أوسع من ذلك فلا ريب أنها تشمل المورد.
هذا وقبل الكلام في رد هذا الاحتمال ينبغي التنبيه على نكتة وهي أن أدلة القرعة أعم موردا مما ذكر فتشمل الشبهة الموضوعية التي وقع فيه التنازع، وما لم يقع فيه ذلك، كما تشمل المبهمات الواقعية والموضوعات الغير المعينة في الواقع، لا بمعنى أن القرعة تصيب الواقع لأن إصابتها الواقع فرع وجود أمر في الواقع، بل بمعنى أن ما خرج به السهم عند كون الموضوع مبهما وغير معين في الواقع يجب الأخذ به تعبدا، فليس مفادها على ذلك مفاد الأمارة، بل يكون أوسع وأوثق منها لإمكان كشف الخلاف في الأمارة، وعدم إمكانه في القرعة إذا كان مجراها ما لا تعين له في الواقع كما إذا كان لمورثه ستون مملوكا وعتق ثلثهم، أو كان له مثل ذلك فأوصى بعتقهم ولم يكن له من المال غيرهم فلم يجز الورثة الوصية فإنه يعتق عشرون منهم بالقرعة، وهكذا إذا أوصى بعتق ثلث مماليكه، فإنه يستخرج ذلك بالقرعة.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»