الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٣٢ - الصفحة ٣٠
تعلقت بلبس الثوبين وأكل الرغيفين، ولم يوجد ذلك فيجب أن لا يحنث، ولأن الحنث يتعلق بما يتعلق به البر بدليل أنه لو حلف لا دخلت هذه الدار، فإن دخلها حنث، وإن أدخل رجله لم يحنث، ولو حلف ليدخلنها فإن دخلها بر، وإن أدخل رجله لم يبر، فإذا ثبت ذلك فإن حلف ليأكلنهما لم يبر حتى يأكلهما، كذلك إذا حلف لا أكلهما لم يحنث حتى يأكلهما.
مسألة 67: إذا حلف لا شربت من النهر لا شربت من دجلة، فمتى شرب من مائها سواء غرف بيده أو في كوز أو غيره أو كرع فيها كالبهيمة حنث، وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: لا يحنث حتى يكرع فيها كالبهيمة لأنه إذا شرب غرفا بيده فما شرب منها، وإنما شرب من يده.
دليلنا: أن معنى هذا الكلام لا شربت من مائها فبهذا جرت العادة لأن دجلة عبارة عن قرارها ومكان جرى الماء فيه، والقرار لا يمكن الشرب منه، فلو لزم ما قالوه للزم إذا شرب بفيه كالبهيمة لا يحنث، أيضا لأنه إنما شرب من فيه لأنه يأخذ الماء بفيه أولا فيصير فيه ولا يحنث حتى يزدرده بدليل أنه لو أخذه بفيه ومجه من فيه لم يحنث، ثبت أن الفم آلة يشرب منه كالكوز و القدح ثم ثبت أنه يحنث إذا شرب من فيه فكذلك إذا شرب من قدح.
مسألة 68: إذا حلف لا فارقتك حتى أستوفي حقي، فإن استوفى نفس حقه بر بلا خلاف، وإن استوفى بدل حقه مثل أن كان حقه دنانير فأخذ دراهم أو ثيابا أو غير ذلك بقيمتها بر في يمينه، وبه قال مالك، وقال الشافعي: إن أخذ بدل حقه حنث.
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وتحنيثه بهذا يحتاج إلى دلالة، وأيضا فبدل حقه، ولم يقل في يمينه أنه يستوفي نفس حقه فإذا لم يكن كذلك فيجب أن لا
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»