الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٣٢ - الصفحة ٢٥
والشافعي إنما عول على أن قال: والله لا شربت لك ماء من عطش فمتى ركب الدواب ولبس الثياب لم يحنث لأن اسم الماء لم يقع على الطعام والشراب، ولبس الثياب حقيقة ولا مجازا فوجب أن لا تتعلق الأيمان به كما لو حلف، لا ركبت لك دابة فركب له سفينة لم يحنث لأن اسم الدابة لا يطلق على السفينة فكذلك هاهنا.
مسألة 52: إذا حلف، لا يدخل دار زيد، فإن دخلها وهي ملك لزيد حنث بلا خلاف وإن كان ساكنها بأجرة لم يحنث عندنا، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة ومالك: يحنث.
دليلنا: إن حقيقة هذه الإضافة تفيد الملك، وإنما تستعمل في السكنى مجازا، وظواهر الأسماء يجب حملها على الحقيقة، والدليل على أن حقيقة ذلك ما قلناه أنه لو قال: هذه الدار لزيد كان ذلك اعترافا بالملك، فلو قال: أردت أنه أسكنها بأجرة، لم يقبل منه، وإنما يجوز أن يقول: هذه دار زيد ثم ينفي فيقول: لا، ليست لزيد، وإنما يسكنها بأجرة، ولا يجوز ذلك في الملك فإذا انتفى الملك عنها وجب أن ينتفي الحنث.
وأيضا فما قالوه يفضي إلى أن تكون دار واحدة ملكا لكل واحد من زيد وعمرو، فإذا حلف لا دخلت دار زيد وحلف الآخر لا دخلت دار عمرو فاكترياها فدخلاها حنثا جميعا، وما أدى إلى هذا يجب أن يحكم بفساده.
مسألة 53: إذا حلف لا دخلت دار زيد ولا كلمت زيدا، فكلمه ناسيا أو جاهلا بأنه هو زيد أو مكرها أو دخل الدار ناسيا أو مكرها أو جاهلا لم يحنث، وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، وهو أصح القولين، وبه قال الزهري، والقول الثاني أنه يحنث، وبه قال مالك وأبو حنيفة.
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل، وأيضا قوله عليه
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»