الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٣٢ - الصفحة ٣٢٧
وقال آخرون: إنه لا يصح لأن الدين الذي له في ذمة الغير ليس بمقدور على تسليمه، فإنه ربما منعه من هو عليه، وربما جحده، وربما أفلس، ومن ابتاع ما لا يقدر على تسليمه بطل بيعه، كما لو ابتاع بعبد مغصوب أو آبق، والأول رواية أصحابنا وقالوا: إنما يصح لأنه مضمون.
إذا اشترى المكاتب من يعتق عليه بحق القرابة كالآباء والأمهات وغيرهم، فإن اشتراه بغير إذن سيده بطل الشراء، وقال بعضهم: يصح الشراء، ولا يصح التصرف فيه استحسانا، والأول أصح عندنا، لأن في ابتياعهم إتلاف المال، فإنه يخرج من يده شيئا ينتفع به ويمكنه التصرف فيه، ويستبدل مكانه مالا ينتفع به ولا يمكنه التصرف فيه، فهو إتلاف في الحقيقة، فأما إذا اشتراهم باذنه، فعندنا إنه يصح، وقال بعضهم: لا يصح.
فأما إذا أوصي له به وأراد أن يقبل الوصية، فإنه ينظر: فإن كان ممن يجب عليه نفقته، بأن يكون زمنا أو شيخا كبيرا أو طفلا صغيرا لم يجز قبول الوصية فيه لأنه يستضر بوجوب النفقة عليه، وإن كان جلدا مكتسبا تقوم نفقته بكسبه، فله أن يقبل الوصية منه، بل هو مندوب إليه، لأنه إذا ملكه لا يستضر.
فإذا ثبت هذا وقبل الوصية، ملكه ولم يجز له التصرف فيه، لأن الابن لا يجوز أن يتصرف في أبيه، لكنه يقف معه، فإن أدى وعتق، عتق هو أيضا ويكون ولاؤه له، فإن عجز عن نفسه واسترقه السيد، استرق الابن معه وحصلا مملوكين.
وإن جنى هذا العبد جناية يتعلق أرشها برقبته لم يكن للسيد أن يفديه، لأنه يخرج عن عبده عوضا ينتفع به ويتصرف فيه، ويستبقي ما لا ينتفع به ولا يتصرف فيه، فلم يجز له ذلك.
لا يجوز بيع رقبة المكاتب عندنا، وقال بعضهم: صح، وفيه خلاف ذكرناه في الخلاف.
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»