الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٣٢ - الصفحة ٣٣٠
فأما إذا دخلا دار الإسلام ثم قهر سيده على نفسه، فإنه لا يقر على ذلك لأن دار الإسلام ليس بدار قهر وغلبة، بل هو دار حق وإنصاف.
المسلم إذا كان له عبد كافر فكاتبه يقوى عندي أنه لا تصح الكتابة لقوله تعالى: " فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا " وهذا لا خير فيه، ولقوله تعالى: " وآتوهم من مال الله الذي آتاكم " وهذا ليس من أهله، لأن ذلك من الصدقة، وليس الكافر من أهلها، وعند المخالف تصح الكتابة كما يصح إعتاقه.
فإذا أدى المال عتق، ويثبت للمسلم عليه الولاء، ثم يقال له: إلى الآن كنت تابعا لسيدك، وقد صرت حرا فإن شئت فاعقد لنفسك عقد الذمة، وإن شئت فالحق بدار الحرب فتكون حربا لنا.
فإن لحق بدار الحرب فظهر المسلمون على الدار وأسروه لم يجز استرقاقه لأنه قد ثبت للمسلم عليه ولاء وفي استرقاقه إبطال ذلك الولاء، ولو قلنا: إن الكتابة صحيحة لكان يصح استرقاقه، لأن عندنا لا ولاء للسيد إلا بالشرط، فإن كان شرط لم يصح حينئذ استرقاقه.
الكافر الحربي إذا كاتب عبده ثم دخل دار الإسلام بأمان، أو دخلا دار الإسلام ثم كاتبه، فقد انقطع سلطانه عنه، فإن أراد العبد الرجوع إلى دار الحرب لم يكن للسيد منعه من ذلك، لأن تصرفه قد انقطع عنه، وإنما بقي له في ذمته دين، فلم يكن له منعه من السفر، ولا إجباره عليه.
فيقال له: إن اخترت أن تقيم في دار الإسلام حتى تقبض المال منه فافعل واعقد لنفسك عقد الذمة، وإن اخترت فالحق بدار الحرب، ووكل من يقبض لك المال، فإن لحق السيد بدار الحرب ووكل فأدى المكاتب إلى الوكيل عتق ويكون هذا المال للسيد، والأمان ثابت له، فإذا لحق السيد بدار الحرب انتقض أمانه في نفسه، ولا ينتقض في ماله، كما لو عقد له الأمان مفردا، فما دام السيد حيا فالأمان باق للمال فإذا مات انتقل المال إلى ورثته، وهل يكون الأمان باقيا أو يجوز استئنافه؟ على قولين مضيا في السير.
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»