الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٣٢ - الصفحة ٣٠٥
وذلك أن المكاتب إذا قدم لأحدهما ربما عجز ورق فيرجعان معا في ماله نصفين، فيحتاج أن يرجع على القابض بنصف ما قبضه، بعد أن انتفع به في تلك المدة، هذا إذا كان بغير إذن شريكه.
فإن أذن له في ذلك ودفع باذنه صح عندنا، وقال بعضهم: لا يصح، لأن السيد لا يملك عين مال في يد المكاتب، لأن حقه في ذمته فإذا أذن له في الإقباض فكأنه أذن له في غير حقه فكان وجوده وعدمه سواء.
ولأنه لو كان أتاهما بألف ليدفع إلى كل واحد منهما خمس مائة فتشاحا في تقديم أحدهما فقال أحدهما: ادفع إلى شريكي خمس مائة، ففعل فهلك الخمس مائة الباقية قبل أن يقبضها الآذن، كان للآذن أن يرجع على القابض بنصف ما قبضه، فلو كان الإذن صحيحا ما كان له الرجوع عليه بذلك.
والأول أصح عندنا، لأن السيد يملك ماله في ذمة المكاتب، ويملك الحجر على ما في يديه، بدليل أنه ممنوع من هبته وإقراضه والتغرير به، فإذا كان كالمحجور عليه فإذا أذن له فيه فقد رفع الحجر باذنه، فوجب أن يصح الإذن، لأنه كان له حقان فأسقط أحدهما وبقى الآخر.
وقول المخالف: إذا دفع إلى أحدهما خمس مائة ثم هلكت الثانية فالجواب، أنه إنما أذن له في تسليم ذلك إلى شريكه، ليسلم له خمس مائة قائمة في مقابلة ذلك، فإذا لم يسلم ذلك كان له الرجوع فيما قبضه، وليس كذلك هاهنا لأنه أذن له أن يقبض ما في يده ليبقي حقه في ذمة المكاتب، وذمة المكاتب موجودة بعد الإقباض، فلهذا تعلق حقه بها.
فإذا تقرر هذا فمن قال: القبض لا يصح كما لو دفع إلى القابض بغير إذن الآذن، فينظر فيه: فإن كان مع المكاتب مال يدفع إلى الآذن بقدر ما دفع إلى القابض فعل وعتق كله، لأنه قد أدى جميع مال الكتابة، وإن لم يكن معه شئ غير الذي قبضه القابض، كان المقبوض منه للقابض والآذن نصفين، ويكون ما بقي من مال الكتابة لهما عليه، فإن أداه عتق، وإن عجز فسخا عليه الكتابة ورق،
(٣٠٥)
مفاتيح البحث: العتق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»