فالمعول عليه عند أصحابنا والأظهر في رواياتهم أنه لا إعادة على المأموم، سواء كان حدث الإمام جنابة أو غيرها، وسواء كان الإمام عالما بحدثه أو جاهلا، وسواء علم المأموم بذلك في الوقت أو بعد خروج الوقت، وبه قال الشافعي، وفي الصحابة علي عليه السلام، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وفي التابعين الحسن البصري، والنخعي، وسعيد بن جبير، وفي الفقهاء الأوزاعي، والثوري، وأحمد بن حنبل وأبو ثور.
وقال قوم من أصحابنا برواية ضعيفة إن عليه الإعادة على كل حال، وبه قال ابن سيرين، والشعبي، وفي الفقهاء حماد بن أبي سليمان، وأبو حنيفة وأصحابه.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: قلت لسفيان بن عيينة: تعلم أحدا قال عليه الإعادة؟ قال: نعم حماد بن أبي سليمان.
ولأبي حنيفة تفصيل يعرف به مذهبه، فقال: صلاة المأموم مرتبطة بصلاة الإمام، فإن كان محدثا فأحرم بهم لم ينعقد لهم صلاة، وإن كانوا كلهم متطهرين وأحدث الإمام بطلت صلاتهم بغير حدث لبطلان صلاة الإمام.
وقال مالك: إن كان الإمام عالما بالحدث بطلت صلاتهم لأنه مفرط، وإن كان جاهلا بحدثه لم تبطل صلاتهم لأنه معذور.
وقال عطاء: إن كان حدثه جنابة بطلت صلاتهم، وإن كان غير الجنابة فإن علموا بذلك في الوقت أعادوا، وإن علموا بعد الوقت فلا إعادة عليهم.
والكلام مع أبي حنيفة في فصلين:
أحدهما: هل تنعقد صلاتهم خلف محدث أم لا؟ فعندنا تنعقد، وعنده لا تنعقد.
والثاني: إذا دخلوا على طهر ثم أحدث الإمام فهل تبطل صلاتهم أم لا؟
فعندنا لا تبطل، وعنده تبطل.
دليلنا: إجماع الفرقة الذين يعول عليهم وعلى قولهم ورواياتهم المعتمدة وأيضا الإعادة فرض ثان تحتاج إلى دليل، وليس في الشرع ما يدل عليها.