الصلاة ولا الطواف على المكلف واجبين فلا يجب الغسل ولنا في هذا مسألة قد بلغنا فيها إلى أبعد الغايات وأقصى النهايات، فمن أرادها وقف عليها من حيث أرشدناه وربما أوردناها في باب الجنابة إن شاء الله فأما ما يوجب الوضوء أو الغسل فسنبينه فيما بعد إن شاء الله.
والطهارة بالماء هي الأصل وإنما يعدل عنها إلى الطهارة بالتراب عند الضرورة وعدم الماء وتسمية التيمم بالطهارة صحيح لا خلاف فيه، لأنه حكم شرعي لأن الرسول عليه السلام قال: جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا. وأخبارنا مملوءة بتسمية ذلك طهارة. وينبغي أولا أن نبدأ بما به تكون الطهارة من المياه وأحكامها، ثم نذكر بعد ذلك كيفية فعلها وأقسامها ثم نعقب ذلك بذكر ما ينقضها، ويبطلها، والفرق بين ما يوجبه الوضوء والغسل ثم نعود بعد ذلك إلى أقسام التيمم على ما بيناه.
باب المياه وأحكامها كل ما استحق إطلاق هذه التسمية التي هي قولنا ماء على اختلاف محالة وأسماء أماكنه وعذوبته في طعمه وملوحته فهو طاهر، لا يمتنع من التطهير به وشربه إلا أن يعلم فيه نجاسة، فيحظر استعماله أو يتغير عن حاله بما يقتضي إضافته وتقييد الاسم المطلق له فلا يجوز حينئذ التطهر به وإن كان في نفسه طاهرا.
وهو على ضربين: طاهر ونجس. فالطاهر على ضربين: طهور وغير طهور. ومعنى طهور أنه مع طهارته يزيل الأحداث ويرفع حكمها بغير خلاف، وهو على ثلاثة أضرب:
مملوك ومباح ومغصوب. فالقسمان الأولان لا خلاف أنهما يزيلان النجاسة الحكمية والعينية، ومعنى الحكمية ما يحتاج في رفعها إلى نية القربة، وقيل: ما لم يدركها الحس. ومعنى العينية ما لا يحتاج في رفعها وإزالتها إلى نية القربة. وقيل: ما أدركها الحس. وأما القسم الثالث فلا خلاف بين أصحابنا أنه لا يرفع الحكمية، لأن الحكمية تحتاج في رفعها إلى نية القربة ولا يتقرب إلى الله سبحانه بالمعاصي والمغصوب. فأما رفع العينية به فيجوز، ويزول