الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٣٧٧
تعالى: وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان، لأن المروي في التفسير أن المراد بذلك أثر الاحتلام، وإذا كان كذلك وكان معنى الرجز والرجس والنجس واحدا بدلالة قوله تعالى: والرجز فاهجر، وقوله: فاجتنبوا الرجس من الأوثان، دلت الآية على نجاسته، وأيضا فظاهر قوله تعالى: ليطهركم به، يدل على تقدم النجاسة في الشرع بإطلاقه، ونحتج على المخالف بما روي عنهم من قوله صلى الله عليه وآله: إنما يغسل الثوب من البول والدم والمني.
وميتة ذوات الأنفس السائلة نجسة بلا خلاف إلا في الآدمي، ويدل على نجاسته بعد الموت، إجماع الطائفة، فأما ما لا نفس له سائلة كالذباب والجراد فلا ينجس الماء بموته فيه، بدليل هذا الاجماع ونحتج على المخالف بما روي من طرقهم من قوله صلى الله عليه وآله:
إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه، وذلك عام في الحي والميت ولأن المقل يوجب الموت لا سيما إذا كان ما في الإناء حارا. ولو كان ينجس بموته لما أمر بمقله على الإطلاق . وشعر الميتة وصوفها وعظمها طاهر بدليل هذا الاجماع، ويخص الشعر والصوف قوله تعالى: ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين، لأنه سبحانه أمتن علينا بما جعله لنا من النفع في ذلك ولم يفصل بين الذكية والميتة، ولا يجوز الامتنان بما لا يجوز الانتفاع به لنجاسته. وقوله تعالى: حرمت عليكم الميتة، لا يعارض ما ذكرناه لأن اسم الميتة يتناول ما تحله الحياة وهذه الأشياء لا تحلها الحياة فلا يحلها الموت.
فأما جلد الميتة فلا يطهر بالدباغ بدليل هذا الاجماع وظاهر قوله تعالى: حرمت عليكم الميتة، والمراد الانتفاع بها بأكل أو بيع أو غيرها من التصرف، واسم الميتة يتناول الجلد قبل الدباع وبعده، ونحتج على المخالف بما روي من طرقهم من قوله صلى الله عليه وآله قبل موته بشهر: لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب، وقول من قال: إن الجلد لا يسمى أهابا بعد الدباع خارج عن اللغة والشرع فلا يعتد به.
والخنزير نجس بلا خلاف.
والكلب نجس بلا خلاف إلا من مالك، ويدل على نجاسته إجماع الطائفة: ويغسل الإناء من ولوغه فيه ثلاث مرات إحداهن - وهي الأولى - بالتراب، بدليل هذا الاجماع،.
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»
الفهرست