السرائر قال محمد بن إدريس رحمه الله: ما وقفت لأحد من أصحابنا في هذه المسألة على مسطور فأحكيه، والأصل براءة الذمة من واجب أو ندب وهذا مذهب الشافعي فلا حاجة بنا إلى موافقته على ما لا دليل عليه. وقد يوجد في بعض نسخ أحكام النساء للشيخ المفيد: أن المرأة يجلل القبر عند دفنها بثوب والرجل لا يمد عليه ثوب، فإن كان ورد هذا فلا نعديه إلى قبر الرجل فليلحظ ذلك.
ولا يترك من وجب عليه الصلب على خشبته أكثر من ثلاثة أيام، فإن صلى عليه وهو على خشبته يستقبل بوجهه وجه المصلى ويكون هو مستدبر القبلة.
هكذا تكون الصلاة عليه عند بعض أصحابنا المصنفين، والصحيح من الأقوال والأظهر أنه ينزل بعد الثلاثة الأيام ويغسل ويكفن ويحنط ويصلى عليه لأن الصلاة قبل الغسل والتكفين لا تجوز، وهذا مذهب شيخنا المفيد وشيخنا أبي جعفر الطوسي، إلا أن شيخنا أبا جعفر الطوسي لا يصلب المحارب إلا إذا قتل ويقول: يقتل قودا لا حدا، ذكر ذلك في الجزء السادس من مبسوطه في كتاب قطاع الطريق، فلزمه على ذلك أن يأمره بالغسل والتكفين والتحنيط ثم يصلبه لأن المقتول قودا بلا خلاف بيننا يؤمر أولا بالغسل والتكفين ثم يقاد بعد ذلك وهو لا يغسله ولا يكفنه إلا بعد موته وإنزاله من خشبته، والصحيح أنه يقتل حدا لا قودا لأن القتل يتحتم عليه، وإن عفا ولي المقتول، وهذا مذهب شيخنا المفيد أن المحارب إذا شهر السلاح، الإمام مخير بين الصلب وبين قطعه من خلاف وبين النفي والآية معه عاضدة لقوله.
ويكره تجصيص القبور وتطيينها والتظليل عليها والمقام عندها وتجديدها بعد اندراسها، ولا بأس بتطيينها ابتداء، والكفن يؤخذ من نفس تركه الميت قبل اخراج جميع الحقوق من دين ووصية ونذر وكفارة وميراث، وإن كان الميت امرأة لزم زوجها إكفانها وتجهيزها ولا يلزم ذلك في مالها، فإن آثر الزوج أن يكفنها مما يخصه من تركتها ويصيبه فلا بأس به إذا لم يحسبه من أصل تركتها على ورثتها.