فصل.
وأما الطهارة عن النجس التي هي شرط في صحة أداء الصلاة فعبارة عن إزالة النجاسة عن البدن والثياب بما نبين أنها تزول في الشرع به.
والنجاسات هي:
بول وخرء ما لا يؤكل لحمه بلا خلاف، وما يؤكل لحمه إذا كان جلالا بدليل الاجماع، فأما إذا لم يكن جلالا فلا بأس ببوله وروثه بدليل الاجماع، ونحتج على المخالف بما روي من طرقهم من قوله صلى الله عليه وآله: ما أكل لحمه فلا بأس ببوله وفي رواية أخرى: فلا بأس ببوله وسلحه.
والخمر نجسة بلا خلاف إلا ممن لا يعتد به، وقوله تعالى: إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس، يدل على نجاستها، وكل شراب مسكر نجس.
والفقاع نجس بالإجماع المشار إليه.
ودم الحيض والاستحاضة والنفاس نجس بلا خلاف، وكذا الدم المسفوح من غير هذه الدماء إلا أنه يجوز الصلاة في ثوب أصابه من دم القروح أو الجروح ما نقص مقداره عن سعة الدرهم الوافي المضروب من درهم وثلث مع الاختيار ورفع الحرج وإن كان التنزه عن ذلك أفضل، فأما إن كان عليه في إزالة الدم حرج لكون الجروح والقروح لازمة له فإن إزالته لا تجب عليه قليلا كان أو كثيرا وهذا بخلاف دم الحيض والاستحاضة والنفاس فإن الصلاة لا تجوز في ثوب أصابه شئ منه قليلا كان أو كثيرا، كل ذلك بدليل الاجماع. فأما دم البراغيث والبق والسمك فطاهر بدليل هذا الاجماع ولأن النجاسة حكم شرعي وليس في الشرع ما يدل على ثبوتها في هذه الدماء، ويخص دم السمك قوله تعالى: أحل لكم صيد البحر وطعامه، لأنه يقتضي إباحة أكل السمك بجميع أجزائه، وقوله تعالى: قل لا أجد فيما أوحي إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن تكون ميتة أو دما مسفوحا، ودم السمك ليس بمسفوح فيجب أن لا يكون محرما وذلك يقتضي طهارته، والمني نجس لا يجزئ فيه إلا الغسل رطبا كان أو يابسا بدليل الاجماع المذكور وقوله.