وأما آية النفر فلا تدل الا على لزوم الانذار بعد التفقه والرجوع حتى يحصل الخوف عند تخويفهم والحذر عند انذارهم، وهذا لا يستلزم حجية قول المنذرين فضلا عن حجية فتواهم، وبالجملة التخويف لغرض حصول الخوف لا يستلزم الحجية، فان الخوف قد يحصل من تخويف من لا يكون قوله حجة كالصبي والمجنون بل الفاسق وغيرهم. والحاصل ان الآية ليست في مقام جعل الحجية لشئ فضلا عن الفتوى والاجتهاد مع أن ذلك لا يستلزم الانذار كما لا يخفى. واما الآية السؤال فموردها معرفة النبي صلى الله عليه وآله والسؤال فيها لا يغني من الحق شيئا حتى يحصل به العلم. فلا تبقى الا الروايات، ولا ننكر دلالة بعضها على حجية الفتوى، ويكفي في ذلك ما قاله الصادق عليه السلام لأبان بن تغلب اجلس في مسجد المدينة وأفت الناس فاني أحب ان أرى في شيعتي مثلك (1) ولكن لا اطلاق لهذه الروايات نتمسك بها في مورد الشك مع أنه لا حاجة إليها مع وجود دليل اخر في باب التقليد أقوى من الجمع وهو قيام السيرة المتشرعة في شرع الاسلام بل في جميع الأديان على التقليد ورجوع الناس إلى علمائهم في مسائلهم والسؤال عنهم وقبول الجواب عنهم بلا تأمل، وليس هذا من جهة حصول الاطمئنان كما توهم بل يرون موضوعية لقول عالم الشرع ويجعلون عملهم الموافق لقول العالم على عاتقه، ويظهر هذا من ملاحظة حال الناس في مراجعتهم العلماء ولا يختص هذا بمذهب دون مذهب حتى يقال لعل ذلك من جهة فتوى المجتهدين، فان غير المسلمين أيضا متعبدون بذلك بل ظهوره في بعضهم أشد من المسلمين.
(٤٠٩)