قلت: التفقه في زمانين بمعنى واحد غاية الأمر اختلافهما سهولة وغموضة لقربهم بالمعصومين عليهم السلام وعدم توسعة المباحث مثل زماننا. مثلا في ذلك الزمان أيضا كانوا يفتون بما يفهمون من ظواهر الكتاب والسنة فكانت الظواهر حجة في ذلك الزمان أيضا. غاية الأمر ما كانوا محتاجين إلى الرجال لقربهم بالمعصومين عليهم السلام، وهكذا. فدلالة الآية تامة لحجية الفتوى ووجوب استناد العامي إلى قول المجتهد في مقام العمل. الرابع: آية السؤال: ﴿فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون﴾ (1) دلت على هذه الآية على وجوب السؤال عند عدم العلم وهو الاخذ بالفتوى، فالعامي حيث لم يعلم بتكليفه يجب عليه الأخذ بقول أهل الذكر وهم العلماء. وتقييد الآية بعدم لزوم ترتيب الآثار حتى يحصل له العلم مناف للظاهر بلا دليل عليه، والمراد من أهل الذكر ما يشمل العلماء وان فسرت بالأئمة أو علماء اليهود لأنه من باب الجري بالمصداق. الخامس:
الروايات الكثيرة الدالة على اثبات حجية قول الفقيه في الجملة فلاحظ هذا. ولكن شيئا من هذه الوجوه لا يتم. اما السيرة العقلائية فلا يعلم قيامها في مثل الرجوع إلى المفتي الذي تكون مبادئ فتواه حدسية اجتهادية كثيرة الخطأ، ومع قيامها لم تعهد في زمان الشارع والأئمة المعصومين عليهم السلام حتى نكشف رأيهم عليهم السلام من عدم ردعهم عنها، وتنظير المسألة بمثل رجوع المريض إلى الطيب قياس مع الفارق فتدبر جيدا.
واما دليل الانسداد فلا يثبت الا لزوم التبعيض في الاحتياط، واما حجية قول العالم فأجنبية عن مدلوله كما لا يخفى.