شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٨
تنبيه آخر اعلم، ان الأشياء الموجودة في الخارج (49) كلها داخلة تحت الاسم الظاهر من حيث وجودها الخارجي. والحق من حيث ظهوره عين الظاهر كما انه من حيث بطونه عين الباطن، فكما ان الأعيان الثابتة (50) أي، طبائع الأعيان الثابتة في العلم من حيث الباطن أسمائه تعالى والموجودات الخارجية، مظاهرها كذلك طبايع الأعيان الموجودة في الخارج من حيث الظاهر أسمائه تعالى والأشخاص مظاهرها. فكل حقيقة خارجية، سواء كانت جنسا أو نوعا، اسم من أمهات الأسماء (51) لكونها كلية مشتملة على افراد جزئية، بل كل شخص أيضا اسم من الأسماء الجزئية لان الشخص هو عين تلك الحقيقة مع عوارض مشخصة لها لا غير. هذا باعتبار اتحاد الظاهر والمظهر في الخارج (52) واما باعتبار تغايرهما العقلي، فالأشخاص مظاهر للحقايق الخارجة كما انها مظاهر للأعيان الثابتة وهي مظاهر للأسماء والصفات (53).
فافهم.
تنبيه آخر قال بعض الحكماء من المتأخرين ان علمه تعالى بذاته هو عين ذاته وعلمه بالأشياء الممكنة عبارة عن وجود العقل الأول مع الصور القائمة به هربا من مفاسد تلزمهم (54). هذا، وان كان له وجه عند من تعلم الحكمة الإلهية المتعالية من الموحدين (55)، لكن لا يصح مطلقا ولا على قواعدهم لأنه حادث بالحدوث الذاتي و حقيقة علمه تعالى قديمة لأنها عينه، فكيف يمكن ان يكون (هو هو) بعينه.
وأيضا، العقل لكونه ممكنا حادثا ومسبوقا بالعدم الذاتي معلوم للحق، لان ما لا يعلم لا يمكن اعطاء الوجود له، فالعلم به حاصل قبل وجوده ضرورة فهو غيره وماهيته مغايرة لحقيقة العلم بالضرورة لان العلم قد يكون واجبا بالذات، كعلم الحق سبحانه بذاته، وقد يكون صفة ذات اضافه وقد يكون إضافة محضة بخلاف الماهية.
فان قلت: علمه بذاته مغاير لعلمه بمعلولاته، وهذا العلم (56) هو المسمى بالعقل الأول.

(٤٩) - المراد به ما يقابل العلم لا الذهن. ١٢ (٥٠) - أعم من مفاهيم الأسماء وغيرها من الماهيات.
(٥١) - لأنه اسم لمرتبة من الوجود فهو اسم لمطلق الوجود باعتبار العينية. ١٢ (٥٢) - اعلم، ان الفرق بين الظاهر والمظهر بالاطلاق والتقييد كالحقيقة الانسانية فإنها باعتبار الاطلاق ظاهرة وباعتبار التقييد بالمشخصات مظهر، ولا شك ان تلك الحقيقة عين الافراد. فالظاهر والمظهر متحدان حقيقة مختلفان بالاعتبار. ثم اعلم، ان الظاهر تابع للمظهر في التعين والمظهر تابع للظاهر في التحقق، فالمظهر باعتبار التابعية له الآخرية و باعتبار المتبوعية له الأولية وهو من حيث المظهرية باطن لأنه المرآة والمرآة بما هي مرآة مختفية والظهور صفة الظاهر لا المظهر. فافهم واستقم. (غلامعلى) (53) - إشارة إلى ان الموجودات كلها مظاهر الحق تعالى. 12 (54) - ككونه تعالى محلا للاعراض.
(55) - للوجود والقائلين بأنه الهوية السارية في الأشياء كلها والمنصبغ بأحكامها. 12 (56) - أي، العلم بالمعلولات لا العلم بالذات. 12
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 61 62 ... » »»