كالهيمان الحاصل من الجمال الإلهي فإنه عبارة عن انقهار العقل منه وتحيره فيه و لكل جلال جمال وهو اللطف المستور في القهر (10) الإلهي كما قال الله: (ولكم في القصاص حيوة يا أولى الألباب). وقال أمير المؤمنين، عليه السلام: (سبحان من اتسعت رحمته لأوليائه في شدة نقمته (11) واشتدت نقمته (12) لأعدائه في سعة رحمته) (13). ومن هنا يعلم سر قوله، عليه السلام: (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات) (14). وهذا المشار (15) إليه برزخ بين كل صفتين متقابلتين.
والذات مع صفة معينة واعتبار تجل من تجلياتها تسمى بالاسم: فان الرحمان ذات لها الرحمة، والقهار ذات لها القهر. وهذه الأسماء الملفوظة هي أسماء الأسماء (16). ومن هنا يعلم ان المراد بان الاسم عين المسمى ما هو (17). وقد يقال الاسم للصفة إذا الذات مشتركة بين الأسماء (18) كلها و التكثر فيها بسبب تكثر الصفات (19) وذلك التكثر باعتبار مراتبها الغيبية (20) التي هي (21) مفاتيح (22) الغيب (23) وهي معان معقولة في غيب الوجود الحق تعالى يتعين بها شؤون الحق و تجلياته، وليست بموجودات عينية (24) ولا تدخل في الوجود أصلا، بل الداخل فيه ما تعين من الوجود الحق في تلك المراتب من الأسماء فهي موجودة في العقل معدومة في العين ولها الأثر والحكم فيما له الوجود العيني كما أشار إليه الشيخ، رضى الله عنه، في الفص الأول وسيجئ بيانه، ان شاء الله تعالى.
ومن وجه يرجع التكثر إلى العلم الذاتي (25)، لان علمه تعالى بذاته لذاته أوجب العلم بكمالات ذاته في مرتبة أحديته، ثم المحبة الإلهية اقتضت ظهور الذات بكل منها على انفرادها متعينا في حضرته العلمية (26) ثم العينية، فحصل التكثر فيها.
والصفات ينقسم إلى ماله الحيطة التامة الكلية، وإلى ما لا يكون كذلك في الحيطة وان كانت هي أيضا محيطة بأكثر الأشياء. فالأول هي الأمهات من الصفات المسماة بالأئمة السبعة، وهي الحياة (27) والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام. وسمعه عبارة عن تجليه (28) بعلمه المتعلق بحقيقة الكلام الذاتي في مقام جمع الجمع والأعياني في مقامي الجمع والتفصيل ظاهرا وباطنا،