شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٩
قلت: حقيقة العلم واحدة والمغايرة بين افرادها اعتبارية إذ اختلافها بحسب المتعلقات فهي لا يقدح في وحدة حقيقته.
والحق يعلم الأشياء بعين ما يعلم به ذاته لا بأمر آخر، وكونه صفة ذات إضافة أو إضافة محضة في بعض الصور ينافي كونه عين العقل الأول لكون الأول عرضا (57) والثاني جوهرا، وكونه جوهرا من الجواهر كما مر، انما هو لسريان الهوية الإلهية فيها وليس عندهم كذلك، فلا يمكن ان يكون العلم جوهرا.
وأيضا، كما انه عالم بالأشياء كذلك هو قادر، فكونه عبارة عن علمه دون قدرته ترجيح بلا مرجح بل عكسه أولى لشمول قدرته على كل ما بعده عندهم دون علمه (58).
وأيضا، القول بأن العقل عين علمه تعالى تبطل العناية (59) الإلهية السابقة على وجود الأشياء كلها.
وليس (60) عبارة عن حضوره عنده تعالى، لان الحضور صفة الحاضر وهو العقل، وعلمه تعالى صفته فهو غيره.
وأيضا، حضوره متأخر بالذات عن الحق وعلمه لأنه صفته وهو متأخر بالذات عن الحق وعن علمه لأنه مع جميع كمالاته متقدم بالذات على جميع الموجودات، فلا يفسر علمه تعالى بالحضور.
وأيضا، يلزم احتياج ذاته تعالى في أشرف صفاته إلى ما هو غيره صادر منه، و يلزم ان لا يكون عالما بالجزئيات وأحوالها من حيث هي جزئية، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
نعم، لو يقول العارف المحقق انه عين علمه تعالى من حيث انه عالم بحقايق الأشياء والمعاني الكلية على سبيل الاجمال والمظهر عين الظاهر باعتبار، يكون حقا ويكون هو اسمه العليم كما مر بيانه في التنبيه المتقدم، لان ماهيته عبارة عن الهوية الإلهية المتعينة بتعين خاص سميت به عقلا أولا، لكن لا يختص هو بذلك، بل النفس الكلية أيضا كذلك لاشتماله على الكليات والجزئيات، بل كل عالم بهذا الاعتبار يكون اسمه العليم لا العقل الأول فقط. والحكيم لا يشعر

(57) - أي، العلم حال كونه ذا إضافة أو إضافة محضة. 12 (58) - لان علمه لا يتعلق بالماهيات عندهم. 12 (59) - العلم بالنظام الأحسن.
(60) - أي ليس علمه، وكانه رد على الاشراقيين. 12
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 61 62 63 ... » »»