شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦١
الفصل الثالث في الأعيان الثابتة (1) والتنبيه على المظاهر الأسمائية اعلم، ان للأسماء الإلهية صورا (2) معقولة (3) في علمه تعالى لأنه عالم بذاته لذاته وأسمائه وصفاته. وتلك الصور العلمية من حيث انها عين الذات المتجلية بتعين خاص (4) ونسبة معينة هي المسماة بالأعيان الثابتة (5)، سواء كانت كلية و جزئية، في اصطلاح أهل الله، ويسمى كلياتها بالماهيات والحقايق وجزئياتها بالهويات عند أهل النظر. فالماهيات هي الصور الكلية الأسمائية المتعينة في الحضرة العلمية تعينا أوليا. وتلك الصور فايضة عن الذات الإلهية بالفيض (6) الأقدس والتجلي الأول (7) بواسطة الحب الذاتي وطلب مفاتح الغيب التي لا يعلمها الا هو ظهورها وكمالها (8). فان الفيض الإلهي ينقسم بالفيض الأقدس والفيض المقدس. وبالأول يحصل الأعيان الثابتة واستعدادتها الأصلية في العلم، وبالثاني يحصل تلك الأعيان في الخارج مع لوازمها وتوابعها. وإليه أشار الشيخ بقوله: (والقابل لا يكون الا من فيضه الأقدس). وذلك الطلب مستند أولا إلى الاسم الأول (9) والباطن ثم بهما إلى الآخر والظاهر لان الأولية

(1) - اعلم، ان العين الثابتة عند التحقيق المطابق للبرهان هي عبارة عن تعين الحق تعالى بشؤونه الكلية الاطلاقية التي هي عين ذاته تعالى في نشأة العلم وباعتباره، فإنه لولاه لما تحقق تميز.
فهي صور علمية الهية بها يمتاز شؤون الحق فهي متأخرة عن الأسماء تأخرا رتبيا. قال صدر الدين القونوي، قدس سره، في تفسير الفاتحة: (اعلم، ان الاسم في التحقيق هو التجلي المظهر لعين الممكن الثابتة في العلم ولكن من حيث تعين ذلك التجلي المنبعث من الغيب المطلق في مرتبة هذه العين التي هي مظهره فالعين الممكنة التي هي المظهر اسم للتجلي المتعين به وفي مرتبته والتجلي من حيث تعينه اسم دال على الغيب المطلق الغير المتعين والتسمية عبارة عن نفس دلالة الاسم على الأصل الذي تعين منه ودل عليه).
(غلامعلى) (2) - المراد بالصورة ما يظهر به الشئ ويمتاز عن الآخر، وهي هنا الماهيات والمفاهيم من المعلومات والمقدورات وغيرهما. 12 (3) - غير موجودة بالوجود العيني. 12 (4) - المراد بالتعين الخاص ليس نفس مفاهيم الماهيات، كما هو المتبادر والمنسبق إلى بعض الأذهان السافلة، بل الماهيات من حيث تقررها لأنها عند التحقيق وجودات خاصة. و بالجملة نفس تلك الوجودات الخاصة لأنها من هذه الحيثية عين الحقيقة المتجلية في تلك المراتب والتعينات الخاصة، واما مع قطع النظر عن هذا التعين فهي عين الحقيقة المطلقة لا المتجلية بالتعين الخاص. فافهم فإنه دقيق جدا. (غلامعلى) (5) - وقولهم: الماهيات تنتزع من الوجودات لا ينافي ذلك مع ان الأعيان الثابتة قبل وجوداتها، لامكان ان يكون مرادهم به انها اظلال لها وعكوس أو حاكية عن الوجودات. 12 (6) - أي، قائمة به لا بالذات الا باعتبار اتحاد الفيض مع المفيض وان مقوميته لها ليست من حيث هو هو، أي بما هو فيض، لعدم استقلاله بهذا النظر. 12 (7) - يمكن ان يراد به التعين الأول والمقصود ان تلك الصور فائضة اجمالا بالتجلي الأول و تفصيلا بالفيض الأقدس، واما تجلى الذات للذات فليس بتجل حقيقة حتى يسمى أولا.
تدبر. (غلامعلى) (8) - أي، أمهات الأسماء التي هي عين الذات في المرتبة الأحدية بلا امتياز لا كل عن الآخر و لا عن الذات. 12 (9) - اعلم، ان للذات باعتبار نسبتها إلى الشؤون أسماء أربعة، هي الأسماء الأول المسماة عندهم بمفاتيح غيب الذات المضافة إلى حضرة الهوية في قوله تعالى: (وعنده مفاتح الغيب التي لا يعلمها الا هو). وهي العلم الذي هو الظهور والوجود الذي هو الوجدان والنور الذي هو الاظهار والشهود الذي هو الحضور. (ج)
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 61 62 63 64 65 66 ... » »»