شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٧
تنبيه اعلم، ان أسماء الأفعال بحسب أحكامها (42) تنقسم أقساما. منها أسماء لا ينقطع حكمها ولا ينتهى اثرها أزل الآزال وأبد الآباد كالأسماء الحاكمة على الأرواح القدسية والنفوس الملكوتية، وعلى كل ما لا يدخل تحت الزمان من المبدعات وان كانت داخلة تحت الدهر (43). ومنها ما لا ينقطع حكمه أبد الآباد وان كانت منقطعة الحكم أزل الآزال كالأسماء الحاكمة على الآخرة، فإنها أبدية كما دلت الآيات على خلودها وخلود أحكامها، وغير أزلية بحسب الظهور، إذ ابتداء ظهورها من انقطاع النشأة الدنياوية. ومنها ما هو مقطوع الحكم أزلا و متناهي الأثر ابدا (44) كالأسماء الحاكمة على كل ما يدخل تحت الزمان و على النشأة الدنياوية فإنها غير أزلية ولا أبدية بحسب الظهور وان كانت نتايجها بحسب الآخرة أبدية.
وما ينقطع احكامه، اما ان ينقطع مطلقا ويدخل الحاكم عليه في الغيب المطلق الإلهي كالحاكم على النشأة الدنياوية (45)، واما ان يستتر ويختفي تحت حكم الاسم الذي يكون أتم حيطة منه عند ظهور دولته إذ للأسماء دول بحسب ظهوراتها وظهور أحكامها وإليها تستند أدوار الكواكب السبعة التي مدة كل دورة الف سنة والشرايع إذ لكل شريعة اسم من الأسماء تبقى ببقاء دولته و تدوم بدوام سلطنته وتنسخ بعد زوالها. وكذلك التجليات الصفاتية إذ عند ظهور صفة ما منها تختفي احكام غيرها تحتها. وكل واحد من الأقسام الأسمائية يستدعى مظهرا به يظهر أحكامها وهو الأعيان، فان كانت قابلة لظهور الأحكام الأسمائية كلها كالأعيان الانسانية كانت في كل آن مظهرا لشأن من شؤونها، وان لم يكن قابلة لظهور أحكامها كلها كانت مختصة ببعض الأسماء دون البعض كالأعيان الملائكة (46). ودوام الأعيان في الخارج وعدم دوامها فيه دنيا وآخرة راجع إلى دوام الدول الأسمائية وعدم دوامها (47). فافهم فإنك ان أمعنت النظر في هذا التنبيه وتحققت المطلوب منه، يظهر لك أسرار كثيرة (48)، والله الهادي.

(٤٢) - ومظاهرها لا بحسب ذواتها فإنها من هذه الحيثية أزلية لا غير.
(٤٣) - وهو نسبة المتغير إلى الثابت، أي ما به النسبة لا نفسها حتى يكون اعتباريا. ١٢ (٤٤) - قال شارح مفتاح الغيب: (لان الشؤون الإلهية أكثر من ان يكون لها نهاية، والتي تشم رائحة الوجود متناهية وهي متناه يفرز من غير المتناهي فالباقي أكثر، فنسبة ما تعين له اثر إلى ما لم يتعين نسبة المتناهي إلى غير المتناهي. ١٢ (٤٥) - قال في عين اليقين، ومنها ما ينقطع أزلا وأبدا ثم يدخل في الغيب المطلق الإلهي كالحاكم على النشأة الدنياوية مطلقا. ان قلت، يلزم على هذا التقدير، أي كون النشأة الدنياوية بعد ظهورها مختفية ابدا، تعطيل هذه النشأة وعدم ظهور الاسم الحاكم عليها وكونه بلا مظهر بعد اختفائها ابدا. أقول، لعل للدنيا أشخاصا فإذا اختفى شخص منها حين انقضاء عمره، وهو على قول خمسين الف سنة، يظهر شخص آخر منها وهكذا إلى ما شاء الله، فالاختفاء الأبدي متعلق بالافراد لا بمطلق النشأة الدنياوية. وبعض الأسماء الحاكمة على الآخرة قد ينقطع أحكامها كالاسم المنتقم وسائر الأسماء الحاكمة على مظاهر الأشقياء، لان الحق بالاسم الرحمن يشفع عند اسمه المنتقم وينقطع دولته ويرجع إلى باطن الاسم الحاكم عليه.
(46) - منها سجد منهم سجد لا يركعون ومنها ركع لا يسجدون.
(47) - ان قلت، على هذا يلزم الدور. قلت، يرفعه اختلاف حكمي الظاهر والمظهر. فافهم.
(غلامعلى) (48) - لو لا مخافة تشنيع الجهلة لصرحت بها.
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 43 44 45 46 47 48 49 50 51 61 ... » »»