شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٤٤
الدنيا. (فأراد) أي الحق (أن ذلك الإيمان لا يرفع عنهم الأخذ في الدنيا، فلذلك) أي، فلأجل أنه لا يرفع العذاب في الدنيا (أخذ فرعون مع وجود الإيمان منه. هذا إن كان أمره) أي، أمر فرعون (أمر من تيقن بالانتقال في تلك الساعة) أي، هذا على تقدير أنه تيقن بالانتقال. وأما على تقدير عدم تيقنه بذلك، فبالطريق الأولى ينفع إيمانه.
(وقرينة الحال تعطى أنه ما كان على يقين من الانتقال، لأنه عاين المؤمنين يمشون في الطريق اليبس الذي ظهر بضرب موسى بعصاه البحر. فلم يتيقن فرعون بالهلاك إذا آمن، بخلاف المحتضر حتى لا يلحق به.) أي، لم يتيقن فرعون بالهلاك إذا آمن، فلا يلحق بالمحتضر لأنه متيقن بهلاكه، فاستعمل (حتى) موضع (الفاء).
(فآمن بالذي آمنت به بنو إسرائيل على اليقين بالنجاة، فكان كما تيقن) أي، حصل النجاة كما تيقنها. (لكن على غير الصورة التي أراد) لأنه أراد أن ينجو في الحياة الدنيا (فنجاه الله من عذاب الآخرة في نفسه، ونجى بدنه كما قال تعالى:
(فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية)) أي، فاليوم ننجي روحك من عذاب التعلق بالبدن وغواشيه الظلمانية من الكفر والشرك والاحتجاب بالحجب المبعدة، وبدنك بالقذف إلى الساحل، ليظهر على الصورة المعهودة ميتا.
(لأنه لو غاب بصورته وبما قالوا قومه، إحتجب) أي، عن الأعين فتقوى عقيدتهم بربوبيته، لكنه أظهر ليكون آية لمن خلفه من الأمم، فلا يدعى أحد بالربوبية. (فظهر بالصورة المعهودة ميتا ليعلم أنه هو. فقد عمته النجاة حسا) من حيث البدن. (ومعنى) من حيث الروح. (ومن حقت عليه كلمة العذاب الأخراوي لا يؤمن، ولو جائته كل آية) كأبي جهل وأضرابه، فإنه قال لقاتله حال القتل: قل لصاحبك (يعنى محمد) ما أنا بنادم عن مخالفتك في هذا الحال أيضا.
(١١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1139 1140 1141 1142 1143 1144 1145 1146 1147 1149 1150 ... » »»