شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٢٥
نفس الأمر، فليس هذا الحلال عين ما كان حراما، لأن الخلق لا يزال جديد ولا يقع التكرار في التجلي أبدا. (فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع.) (عن هذا) إشارة إلى قوله: (كذلك علم الشرائع.) أي، كنى عن علم الشرائع في حق موسى بتحريم المراضع، أي، أرضعته أمه الحقيقي التي ولدته، لا غيرها.
وإرضاعها إشارة إلى ربوبية الذات الإلهية بإعطائه العلم الشرعي ليجعله نبيا بين عباده.
وتحريم إرضاع غير أمه، إشارة إلى عدم تحققه بعلوم ما يتعلق بالولاية و أسرار الباطن، إذ كان الغالب عليه علوم ما يتعلق بالنبوة والظاهر، لذلك قال له الخضر، عليه السلام: (وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا).
وقيل: قال له الخضر: إن الله قد أعطاك علما لم يعطني إياه (وهو علم الظاهر)، وأعطاني علما لم يعطك إياه. (وهو علم الباطن).
(فأمه) أي، فأم الولد. وليس المراد به موسى، لأنه ما أرضعته غير أمه، بل أورده تحقيقا لحق المرضعة على الولد. لذلك قال: فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته بعد هذا التحقيق (على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة، فتكون فيها وتغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان، فإنه ما تغذى إلا بما أنه لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم، لأهلكها وأمرضها. فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها. والمرضعة ليست كذلك، فإنها قصدت برضاعته حياته) أي، قصدت برضاعها للولد حياته. فالإضافة إضافة إلى المفعول.
(وإبقائه. فجعل الله ذلك (17) لموسى في أم ولادته، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته، لتقر عينها أيضا بتربيته وتشاهد انتشائه في حجرها، (ولا تحزن) و

(17) - الإرضاع.
(١١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1120 1121 1122 1123 1124 1125 1126 1127 1128 1129 1130 ... » »»