شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٢٧
بالأمر الإلهي، وإن لم يعلم ذلك، لأن النبي معصوم من الكبائر في الباطن، لكنه لا يشعر على أنه قتله بالأمر الإلهي حتى يخبر به.
(ولهذا) أي، ولهذا الشعور والاطلاع (أراه الخضر، عليه السلام، قتل الغلام، فأنكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي. فقال له الخضر: (ما فعلته عن أمري). ينبهه على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر، وإن لم يشعر بذلك. وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك وباطنها نجاة من يد الغاصب. جعل له ذلك في مقابلة التابوت الذي كان له في اليم مطبقا عليه: فظاهره هلاك وباطنه نجاة.) أي، الخضر إنما أراده قتل الغلام وقال: (ما فعلته عن أمري) لينبه موسى، عليه السلام، على أن قتله القبطي أيضا كان كذلك بالأمر الإلهي، لا من الشيطان ونفسه، بل هو نبي معصوم عن الكبائر. وأراه خرق السفينة التي ظاهرها هلاك وباطنها نجاة من الغاصب في مقابلة التابوت الذي كان له في اليم.
فإن خرق ظلمة هذه الطبيعة والبدن بالتوجه إلى الله وقهر النفس في الموت الإرادي، وبالأمراض والمحن في الموت الطبيعي، وإن كان ظاهره مشعرا بالهلاك، ولكن باطنه عين النجاة.
(وإنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاضب فرعون أن يذبحه ضيرا وهي تنظر إليه) قوله: (ضيرا) ب‍ (الضاد) المعجمة و (الياء) المنقوطة من تحت بنقطتين، أي خوفا من أن يذبحه ذبحا مشتملا على الضرر العظيم لأمه، لأن ذبح الولد على نظر أمه أشد إيلاما للأم من ذبحه على غير نظرها.
في بعض النسخ: (صبرا) ويلائمه قوله: (مع الوحي) أي، وإنما فعلت ما فعلت بالوحي (الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر. فوجدت في نفسها أنها ترضعه) أي، علمت بالوجدان بأنها ترضعه وتربيه (فإذا خافت عليه، ألقته في اليم، لأن في المثل (عين لا ترى قلب لا يفجع) فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين
(١١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1122 1123 1124 1125 1126 1127 1128 1129 1130 1131 1132 ... » »»