شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٠٨٧
وإنما جعل (المعلوم) أعم من (الشئ)، بناء على قول من قال: إن المعدوم ليس بشئ، والموجود هو الشئ، فالمعلوم أعم منه. لأن علم الحق محيط بكل ما وجد ولم يوجد، سواء كان ممكنا أو ممتنعا. وأما على قول من قال: إنه شئ، فمتساويان. وعلى تقدير التساوي أيضا يكون الحق أنكر النكرات.
(ثم، تمم الحكمة واستوفاها، لتكون النشأة كاملة فيها) أي، لتكون هذه النشأة اللقمانية كاملة في الحكمة والمعرفة بالله.
(فقال: (إن الله لطيف). فمن لطافته ولطفه أنه في الشئ المسمى بكذا المحدود بكذا عين ذلك الشئ.) أي، ومن غاية لطفه صار عين الأشياء المتبائنة، المسماة بالأسماء المختلفة، المحدود بالحدود الخاصة.
(حتى لا يقال فيه) أي، في ذلك الشئ المسمى باسم معين. (إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح.) (اسمه) عطف بيان (ما). أي، و ذلك الشئ معين باسم كذا وحد كذا، حتى لا يطلق عليه ولا يقال فيه إلا ما يدل عليه من الاسم الذي تواطؤوا عليه واصطلحوا به. ف‍ (التواطؤ) بمعنى التوافق.
(فيقال: هذا سماء وأرض وصخرة وشجرة وحيوان وملك ورزق و طعام.) والحال أن (العين واحدة من كل شئ.) أي، من الأشياء الموجودة المسماة بالأسامي المختلفة. (وفيه) أي، في تلك العين الواحدة في كل شئ.
(كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر، فهو جوهر واحد. فهو عين قولنا: العين واحدة.) أي، قولهم العالم كله جوهر واحد، هو بعينه قولنا إن العالم عين واحدة.
(ثم قالت) أي الأشاعرة. (ويختلف بالأعراض. وهو قولنا: ويختلف و يتكثر بالصور والنسب حتى يتميز. فيقال: هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه (كيف شئت فقل) وهذا عين هذا من حيث جوهره.) أي، قول الأشاعرة إن العالم جوهر واحد يختلف بالأعراض، هو بعينه قولنا إن العالم عين واحدة، ظاهرة بالصور المختلفة ومتكثرة بالأعراض المتبائنة والأمزجة المتفاوتة (5)، فيقول:
هذا عين هذا من حيث الجوهر والحقيقة الواحدة. وهذا غير ذلك من
(١٠٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1082 1083 1084 1085 1086 1087 1088 1089 1090 1091 1092 ... » »»