استفادت العقول المنورة هذه المعاني أيضا إلا بإعلام الله والاطلاع على أسرار آياته، لا بأنفسهم.
(ثم، جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام، فلم تخل الحق عن صفة يظهر فيها.) (لم تخل) من (الإخلاء). أي، جاءت الشرائع كلها بمقتضى القوة الوهمية (8) على التشبيه والتنزيه، فلم تجعل الحق خاليا عن صفة يظهر الحق فيها وهو عين التشبيه.
(كذا قالت) أي الشرائع. (وبذا جاءت فعملت الأمم على ذلك) أي بمقتضى ذلك. (فأعطاها) أي، أعطى الحق الأمم. فأنث الضمير باعتبار تأنيث الجمع (الحق التجلي) أي، تجلى عليهم بتلك الصفات الموجبة للتشبيه.
(فلحقت) أي، الأمم. (بالرسل وراثة) أي، من جهة الوراثة. (فنطقت) أي، الأمم. (بما نطقت به رسل الله.) من التنزيه والتشبيه.
(الله أعلم حيث يجعل رسالاته. ف (الله أعلم) موجه: له وجه بالخبرية إلى (رسل الله). وله وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته. وكلا الوجهين حقيقة فيه. ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه، وبالتنزيه في التشبيه.) لما جعل الأمة ملحقة بالرسل بحكم الوراثة - وقال: (فنطقت بما نطقت به رسل الله) - أدرج قوله تعالى: (وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله. الله أعلم حيث يجعل رسالته). ليبين التنزيه والتشبيه فيه. فقوله: (الله أعلم، موجه) أي، موجه بالوجهين: الخبرية، والابتدائية.
أما خبريته، فلأن قوله تعالى: (لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى). كلام تام، لأن المفعول الذي أقيم فيه مقام الفاعل ضمير عائد إلى (الرسول). أي، لن