شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٠٥٦
(قال الله تعالى: (ليس كمثله شئ) فنزه وشبه.) أما تنزيهه فظاهر، لأنه نفى المماثلة على تقدير زيادة (الكاف). وعلى عدم زيادته أيضا يلزم المطلوب، لأن نفى المماثلة عن المثل، يوجب نفى المماثلة عن نفسه بطريق الأولى.
وأما تشبيهه، فإنه أثبت له مثلا ونفى عنه المماثلة. وإثبات المثل تشبيه. و ليس ذلك المثل إلا الإنسان المخلوق على صورته، المتصف بكمالاته إلا الوجوب الذاتي الفارق بينهما. كما مر في (الفص الآدمي).
قال الشيخ، رضى الله عنه، في كتاب الأسرار والصلاة: على أول مبدع كان ولا موجود ظهر هنالك ولا نجم فسماه مثلا. وقد أوجده فردا لا ينقسم في قوله:
(ليس كمثله شئ). وهو العالم الفرد العلم.
((وهو السميع البصير) فشبه.) لأنه أثبت له ما هو ثابت لغيره. ونزه أيضا في هذا القول، لأن تقديم الضمير يوجب حصر السمع والبصر فيه، فنزه عن المشاركة مع الغير فيهما.
(وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن تشبيه، ب‍ (الكاف). فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه. ثم، قال: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون).) أي، عما يصفونه بحسب مبالغ عقولهم.
(وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم. فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حددوه بذلك التنزيه.) لأن التميز عن كل شئ محدود بتمايزه عنها.
(وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا.) أي، وذلك التحديد يحصل من قصور العقول عن إدراك الحقائق الإلهية وشؤونها على ما هي عليها. وما (7)

(7) - (ما) نافية.
(١٠٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1051 1052 1053 1054 1055 1056 1057 1058 1059 1060 1061 ... » »»