شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٠٢٤
حكما، لذلك قال تعالى: (وآتاكم من كل ما سألتموه). أي، بلسان الاستعداد والحال والقال.
(والأسماء الإلهية من الأشياء وهي ترجع إلى عين واحدة. فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شئ وسعته الرحمة نفسها، ثم الشيئية المشار إليها، ثم شيئية كل موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة، عرضا و جوهرا ومركبا وبسيطا.) لما كانت الأسماء من حيث تكثرها مغائرة للذات الأحدية ورحمة الله وسعت كل شئ، جعل الأسماء أيضا داخلة تحت الرحمة الذاتية، لأنها من الأشياء المتكثرة، مع أنها راجعة إلى عين واحدة وهي الذات الإلهية. فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة، وهي عين اسم (الرحمن) من حيث تميزها بتعينها الخاص عن الاسم (الله). وإنما وسعت الرحمة الذاتية للعين الرحمانية، لأنها من حيث امتيازها عن الذات الإلهية إنما حصلت بالتجلي الذاتي والرحمة الذاتية على تلك العين، إذ لو لا التجلي الذاتي والرحمة الذاتية على تلك العين لما كان لشئ وجود أصلا، اسما كان أو صفة أو عينا ثابتة. وإذا كان الأمر كذلك، فأول ما تعلقت به الرحمة الذاتية هو نفس الرحمة الظاهرة في العين الرحمانية، ثم الشيئية المشار إليها، أي العين الرحمانية. وإنما جعل الرحمة الرحمانية أول متعلق الرحمة الذاتية ثم العين الرحمانية، لأن عين الاسم (الرحمن) ذات مع صفة الرحمة، والمجموع من حيث هو مجموع متأخر عن كل من أجزائه. ثم شيئية كل موجود، أي عين كل موجود.
يوجد إلى ما لا يتناهى مفصلا، دنيا وآخرة، عرضا وجوهرا، مركبا و بسيطا، لأن جميعها أخلة تحت العين الرحمانية إجمالا. فالأولية في قوله: (فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجودة) أولية بالنسبة إلى باقي أعيان الأسماء التي بعدها، كقوله عن لسان إبراهيم، عليه السلام: (وأنا أول المسلمين) وإن كان من قبله من الأنبياء أيضا مسلمين.
ويجوز أن يكون المراد ب‍ (الشيئية) وجودات الأعيان لا أعيانها.
(ولا يعتبر فيها) أي، في إفاضة الرحمة على كل شئ. (حصول غرض ولا
(١٠٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1018 1019 1021 1022 1023 1024 1025 1026 1027 1028 1029 ... » »»