هو المرتبة التي بها يحكم الوجود على الشئ. ألا ترى السلطان ما دام متحققا بالسلطنة تجرى أحكامه وينفذ أوامره في رعاياه ولو كان صبيا، وعند انعزاله من السلطنة، لا ينفذ له حكم أصلا مع أنه موجود، وكذا الوزير والقاضي وجميع أصحاب المناصب. ولما كان هذا المعنى غير مشعور به مع وضوحه وحقيته، قال:
(وهو علم غريب ومسألة نادرة.) قوله: (ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام.) أي، الذين يتوهمون أمورا لا وجود لها، وتنفعل نفوسهم منها ويتأثر انفعالا عظيما وتأثرا قويا، هم الذين يدركون بالذوق الأمور المعدومة المتوهمة كيف تؤثر فيهم. وأما من لا يتأثر من الوهم، أي ما يدركه الوهم من الأمور المعدومة المتوهمة، فليس له نصيب من هذه المسألة بحسب الذوق.
وقيل معناه: أي، الذين يؤثرون في الأشياء بالوهم فيوجدونها، فإنهم يعلمون ذلك علم ذوق. وفيه نظر. لأن الكلام في أن المعدوم يؤثر في الموجود، لا أن الموجود يؤثر في المعدوم، (2) والوهم قوة موجودة في الخارج. والله أعلم. شعر: