(صورته الظاهرة، وهويته تعالى روح هذه الصورة المدبرة لها، فما كان التدبير إلا فيه.) أي، في الحق. (كما لم يكن) أي، التدبير. (إلا منه. فهو (الأول) بالمعنى، و (الآخر) بالصورة. وهو (الظاهر) بتغير الأحكام والأحوال، و (الباطن) بالتدبير.) أي، الحق هو (الظاهر) بهذه الصورة المتغيرة وأحكامها وأحوالها، و (الباطن) بحسب التدبير والتصرف، كما قال تعالى: (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض).
((وهو بكل شئ عليم). وهو على كلي شئ شهيد.) أي، حاضر مشاهد، (ليعلم عن شهود، لا عن فكر.) و (العليم) محيط بمعلومه، مشاهد له شهودا أعيانيا، فعلمه شهودي لا مستفاد عن القوة الفكرية. هذا إذا قرئ (ليعلم) مبنيا للفاعل. أما إذا قرئ مبنيا للمفعول، فمعناه: (فهو على كل شئ شهيد) أي، حاضر ليعلم، أي ليعلمه كل شئ عن شهود، لا عن فكر، إذا الفكر لا يكون إلا للغائب. والأخير أنسب.
(فلذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصحيح. وما عداه فحدس و تخمين، ليس بعلم أصلا.) ظاهر.
(ثم، كان لأيوب، عليه السلام، ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي، البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه.) (النصب) بفتحتين وضمتين وضمة وسكون، وهي لغات فيه.
والمعنى من الضر في البدن. والعذاب الذي مسه به الشيطان، هو عذاب الحجاب من الجناب الإلهي والبعد والحرمان من النعيم الأبدي. لذلك فسر (الشيطان) بالبعد عن الحقائق وإدراكها، لأنه (فيعال) من (شطن)، و (الشطن) هو البعد عن الحقائق وإدراكها (21).
وإن كان معذبا بالعذاب الجسماني، لكن لما كان العذاب الروحاني أشد