المتساويين نسبتهما إلى ذات الممكن، وإذا كان التكوين لا يحصل إلا بالميل، فلا يمكن الاعتدال الحقيقي، لأنه الجمع بين الشيئين على السواء، فلا يمكن وقوعه (16) واعلم، أن الاعتدال وعدمه لا يكون إلا بالنسبة إلى المركب من الشيئين المتغائرين، وليس بين الوجود والعدم تركيب حتى يعتبر فيه الاعتدال أو عدمه.
وغرض الشيخ، رضى الله عنه، من هذا الكلام إثبات أن العالم وجد عن الميل المسمى ب (الإرادة)، فلا يزال الميل متحققا فيه، سواء كان المائل بسيطا أو مركبا. ومع وجود الميل لا يمكن الاعتدال، لأنه إنما يتصور إذا كان الشئ مركبا بحيث لا يكون لشئ من أجزائه بحسب الكمية والكيفية زيادة على الآخر.
(وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب و بالصفات.) (17) أي، المتقابلة. (والرضا مزيل للغضب.) أي، عن المغضوب عليه. (والغضب مزيل للرضا عن المرضى عنه. والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.) أي، و يرضى عنه أبدا، كما يذكر من بعد من أنه زعم المحجوبين.
(فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه.) أي، فقد اتصف الغاضب الذي هو الحق بأحد الحكمين، وهو الغضب في حقه، أي في حق المغضوب عليه. (و هو ميل) أي، فقد اتصف الراضي وهو الحق بأحد الحكمين، وهو الرضا في