شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٩٩
المتساويين نسبتهما إلى ذات الممكن، وإذا كان التكوين لا يحصل إلا بالميل، فلا يمكن الاعتدال الحقيقي، لأنه الجمع بين الشيئين على السواء، فلا يمكن وقوعه (16) واعلم، أن الاعتدال وعدمه لا يكون إلا بالنسبة إلى المركب من الشيئين المتغائرين، وليس بين الوجود والعدم تركيب حتى يعتبر فيه الاعتدال أو عدمه.
وغرض الشيخ، رضى الله عنه، من هذا الكلام إثبات أن العالم وجد عن الميل المسمى ب‍ (الإرادة)، فلا يزال الميل متحققا فيه، سواء كان المائل بسيطا أو مركبا. ومع وجود الميل لا يمكن الاعتدال، لأنه إنما يتصور إذا كان الشئ مركبا بحيث لا يكون لشئ من أجزائه بحسب الكمية والكيفية زيادة على الآخر.
(وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب و بالصفات.) (17) أي، المتقابلة. (والرضا مزيل للغضب.) أي، عن المغضوب عليه. (والغضب مزيل للرضا عن المرضى عنه. والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.) أي، و يرضى عنه أبدا، كما يذكر من بعد من أنه زعم المحجوبين.
(فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه.) أي، فقد اتصف الغاضب الذي هو الحق بأحد الحكمين، وهو الغضب في حقه، أي في حق المغضوب عليه. (و هو ميل) أي، فقد اتصف الراضي وهو الحق بأحد الحكمين، وهو الرضا في

(16) - وهذا الاستدلال ضعيف جدا، لأن الإعتدال كمال في الممتزجات العنصرية وكذا في النفوس الإنسانية، وإن الكامل المكمل في الأخلاق من بلغ روحه أو نفسه إلى الكمال الحقيقي. وأما مسألة (الميل) الذي يكرره الشيخ في كلامه إنما هو من مظاهر الإرادة، بناءا على سريان الحياة في الأشياء البسيطة والمركبة. والميل في الطبائع لمكان الشعور والعلم في الحيوان والنبات، والطبيعة بسيطا ولا شعور ولا علم للطبائع بعلمها وشعورها. وهذا مما يورد الوهن في برهان هؤلاء الأكابر. (ج) (17) - قوله: (بالصفات) أي، بالصفات من ذلك، كالراضي عن قوم والغضبان على آخر. (ج)
(٩٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 994 995 996 997 998 999 1000 1001 1002 1003 1004 ... » »»