في الآخرة، لأن كلامه صدق مقطوع به.
(وإن كان قول الروح.) أي، قول عيسى، عليه السلام. ((والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا). أكمل في الاتحاد، فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد، وأرفع للتأويلات.) اعلم، أن في هذا الكلام تقديما وتأخيرا.
تقديره: فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات، وإن كان قول الروح أكمل في الاتحاد. وإنما كان هذا أكمل في الاتحاد، لأن قول الحق سبحانه: (و سلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا). عبارة عن تجليه له بما يوجب السلامة من أحكام الكثرة ونقائض الإمكان، وارتفاع اللازم موجب ارتفاع الملزوم. وإذا ارتفعت الكثرة والإمكان، ظهرت الوحدة والوجوب الذاتي، فحصل الاتحاد من قول الحق. وهو أكمل مما لزم من قول العبد من الاتحاد هذا بالنسبة إلى أرباب الكشف والعرفان. وأما بالنسبة إلى أهل الحجاب، وهو أكمل بالاعتقاد، لأن سلام الحق أقبل على النفوس من سلام العبد على نفسه. وأيضا أرفع للتأويلات. بخلاف قول عيسى، عليه السلام: فإنه يحتاج إلى أن يأول بأن لسانه لسان الحق بحكم الحديث المشهور، فبالحق نطق وسلم على نفسه، أو الحق سلم على نفسه في حجابية عيسى وتعينه (فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى، إنما هو النطق، فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه. ولا يلزم للمتمكن من النطق، على أي حالة كان.) أي، المتمكن. (الصدق فيما به ينطق.) لإمكان أن يتكلم بكلام لا يكون مطابقا لما في نفس الأمر.
(بخلاف المشهود له، كيحيى.) حيث قال فيه الحق: (وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا).
(فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للإلتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه، وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من الله في ذلك و صدقه، إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد. فهو أحد الشاهدين.) أي، على براءة أمه وقربه من الله وكونه نبيا (4)