شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٩٢
غيره أيضا، من أكابر الأولياء بعد هذا الكلام، تعليل أن (العرش) الذي على (الماء) هو الملك. ولكون العرش الجسماني صورة من الصور الفائضة على الهيولى، يصدق عليه أيضا أنه على الماء، كما أشار قوله تعالى: (والبحر المسجور) أي، الممتلئ من الموجودات. وهو البحر الذي موجه صور الأجسام كلها (4) وإنما أطلق اسم (الماء) عليه، لأن الماء العنصري مظهر له، لذلك اتصف بصفاته، فصار مادة لجميع ما في العالم الجسماني من السماوات والأرض والنبات والحيوان. وأيضا، لما أطلق عليه (النفس) مجازا، تشبيها بالنفس الإنساني، أطلق اسم (الماء) عليه مجازا، لأن (النفس) بخار، والبخار أجزاء صغار مائية مختلطة بأجزاء هوائية. فحصل أن (الماء) كما يطلق على الماء المتعارف، كذلك يطلق على الهيولى وعلى (النفس الرحماني) الذي هو هيولى جميع العالم وأصله.

(4) - و (البحر المسجور) هو الهيولى المملؤة بالصور التي يظهر عليها جميع ما أثبت في الألواح المذكورة. ويمكن أن يكون المراد ب‍ (البحر المسجور) مادة البدن المملوة بالصور المختلفة من الغاذية والمنمية، وسائر الصور المادية، والصور الباصرة والسامعة والشامة والذائقة، والصور الخيالية والذاكرة والواهمة. وإن كان المراد ب‍ (الصورة) النفس الناطقة، يكون لها مادة واحدة، وهي مع تكثرها موجودة بوجود النفس الكلية الناطقة. وفي المادة يظهر صورة كلية، وفي حيطة تصرفها صور ومواد، لا يزال يظهر في المواد أمواج من ناحية الصور المتجددة المتصرمة. وكلها من شؤون غيب ذاتها، وهي النفس التي في وحدتها كل القوى. (ج)
(٩٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 986 987 988 989 991 992 993 994 995 996 997 ... » »»