غيره أيضا، من أكابر الأولياء بعد هذا الكلام، تعليل أن (العرش) الذي على (الماء) هو الملك. ولكون العرش الجسماني صورة من الصور الفائضة على الهيولى، يصدق عليه أيضا أنه على الماء، كما أشار قوله تعالى: (والبحر المسجور) أي، الممتلئ من الموجودات. وهو البحر الذي موجه صور الأجسام كلها (4) وإنما أطلق اسم (الماء) عليه، لأن الماء العنصري مظهر له، لذلك اتصف بصفاته، فصار مادة لجميع ما في العالم الجسماني من السماوات والأرض والنبات والحيوان. وأيضا، لما أطلق عليه (النفس) مجازا، تشبيها بالنفس الإنساني، أطلق اسم (الماء) عليه مجازا، لأن (النفس) بخار، والبخار أجزاء صغار مائية مختلطة بأجزاء هوائية. فحصل أن (الماء) كما يطلق على الماء المتعارف، كذلك يطلق على الهيولى وعلى (النفس الرحماني) الذي هو هيولى جميع العالم وأصله.
(٩٩٢)