التحمل بمشاقه. كما قال الشيخ المحقق، ابن الفارض، رضى الله عنه:
(ويحسن إظهار التجلد للعدى * ويقبح غير العجز عند أحبة) (وأنه صابر وأنه نعم العبد، كما قال تعالى:) أي، كما قال الله في حقه، (نعم العبد) و ((إنه أواب). أي، رجاع إلى الله، لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب) أي، الحق يعطى ما يطلبه على يد عبد من عبيده فيجعله سببا. (لا أن العبد يسند إليه) أي، إلى السبب. وفي بعض النسخ: (لأن العبد يسند إليه).
أي، لأن وجود العبد مستند إلى الله تعالى، فينبغي أن يرجع إلى مستنده.
(إذ الأسباب المزيلة لأمر ما) أي، من المضار. (كثيرة، والمسبب واحد العين، فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق ذلك علم الله فيه، فيقول: إن الله لم يستجب لي. وهو ما دعاه) (ما) نافيه. أي، والحال أن العبد الداعي لم يدع الحق، بل دعا ما يطلق عليه اسم الغيرية ومال إليه، وهو السبب القريب في الصورة. وهذا معنى قوله: (وإنما جنح (25) إلى سبب خاص لم يقتضه الزمان ولا الوقت. فعمل أيوب بحكمة الله، إذ كان نبيا، لما علم أن الصبر هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة.) أي، عند علماء الظاهر وأهل السلوك الذين لم يصلوا إلى مقام التحقيق بعد. (وليس ذلك بحد للصبر عندنا. وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغيره الله، لا إلى الله.) لأن الشكاية إلى الغير يستلزم الإعراض عن الله وعدم الرضا أيضا بأحكامه، وذلك يستلزم ادعاء العبد بالعلم بالأولوية، وكلها مذمومة. والشكاية إلى الله تستلزم إظهار العجز والمسكنة والافتقار إلى الله، وإظهار أن الحق قادر على إزالة موجبات الشكوى، وكلها محمودة.
(فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء. و