شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٩٥
من الكتب الإلهية على لسان أي رسول كان، أو على قلوب عباده بطريق الإلهام، (لأكلوا) أي، الرزق المعنوي من العلوم والمعارف والحكم. (من فوقهم) أي، من ربهم الذي يطعمهم ويربيهم من الجهة الفوقية. (ومن تحت أرجلهم)، أي، لأكلوا رزق الوجدانيات ولذاقوا ذوق التجليات ونالوا الحالات الذوقية والواردات الإلهية التي تحصل بالسلوك بالأرجل (11) والحق هو المطعم والمربى من جهة التحتية أيضا، كما نسبها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بقوله: (لو دليتم بحبل لهبط على الله).
(ولو لم يكن العرش على الماء، ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي. ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي، (12) تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص.) أما العرش الجسماني، فإنه لو لا الهيولى القابلة للصورة الجسمانية، لما كان للصورة العرشية وجود ضرورة. وأما العرش بمعنى (الملك) فإنه لو لا النفس الرحماني القابل لصور حقائق العالم، لما كان شئ منها موجودا، فضلا عن دوامها. وأما السماوات والأرض التي كل منها عرش لاسم من الأسماء، فلأنه لو لا وجود الماء المتعارف، لما كان شئ منها موجودا. وقد تقدم أن الهيولى والنفس الرحماني يسمى في اصطلاح أهل الله ب‍ (الماء)، كما يسمى الماء

(11) - قوله: (ولو أنهم أقاموا التورية والإنجيل...). أي ولو أنهم اتبعوا الشريعة التي هي إقامة التورية والإنجيل، وغيرهما من الكتب المنزلة وأقاموها، لحصل لهم الطريقة التي هي علم الأرجل وهو الطعام من التحت، وعلم الحقيقة التي هي الطعام من الفوق. و هذا يدل على أن الطريقة والحقيقة لا يحصلان إلا من طريق الشريعة، فإن الظاهر طريق الباطن. بل يفهم منه أن الظاهر غير منفك عن الباطن. فمن رأى أن الباطن لم يحصل له مع الأعمال الظاهرة واتباع التكاليف الإلهية، فليعلم أنه لم يقم على الظاهر على ما هو عليه. ومن أراد أن يصل إلى الباطن من غير طريق الظاهر، كبعض عوام الصوفية، فهو على غير بينة من ربه. (الامام الخميني مد ظله) (12) - أي، بحتف الأنف. (ج)
(٩٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 989 991 992 993 994 995 996 997 998 999 1000 ... » »»