شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٩٣
ولا يقال: إن المراد ب‍ (الماء) الذي عليه العرش والذي هو أصل العناصر هو (العلم)، وإن كان يتجسد في المثال بصورة الماء، لأن المراد بيان أصل الموجودات في الخارج، لا في العلم.
(فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا، فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه.) و في بعض النسخ: (بربه). وكلاهما صحيح. لأن الجاهل بالنفس جاهل بالرب و بالعكس. أي، فالماء الذي هو النفس الرحماني، يحفظ هذا الملك وتعيناته من تحته، أي باطنه. كما أن الحق سبحانه يحفظ الإنسان الجاهل بنفسه وعبوديته من باطنه وغيبه، نظرا إلى علو مرتبته من حيث حقيقته ومكانته الزلفى عند الله، وهو يدعى الربوبية ويتكبر على الله من جهله بنفسه وعبوديتها، (5) إذ لو لم يكن حفظ الحق تعالى له وللعالم كله من الباطن، لانعدم في الحال، فإنه بلا وجود عدم.
(وهو قوله، عليه السلام: (لو دليتم بحبل لهبط على الله). فأشار إلى أن نسبة التحت إليه، كما أن نسبة الفوق إليه.) وفي بعض النسخ: (كما نسبة الفوق إليه). ف‍ (ما) زائدة. كقوله: (فبما رحمة من الله). (في قوله: (يخافون ربهم من فوقهم) (وهو القاهر فوق عباده). فله الفوق والتحت.) أي، هذا المعنى المذكور هو معنى قوله، صلى الله عليه وسلم: (لو دليتم بحبل لهبط على الله). وإنما كان نسبة الفوقية والتحتية إليه سواء، لأن الحق محيط بالظاهر والباطن على العالم، فكما تنسب إليه الفوقية، تنسب إليه التحتية. فله الفوق والتحت جميعا، لأنهما من جملة مراتبه الوجودية.
(ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمان.) أي، ولكون نسبة الفوقية والتحتية، بل نسبة جميع الصفات المتقابلة، إلى الله تعالى سواء، ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، لكونه هو المخلوق على

(5) - (عبوديتها)، أي، عبودية النفس. (ج)
(٩٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 987 988 989 991 992 993 994 995 996 997 998 ... » »»