شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٩١
ولأجل سريان هذه الحياة الذاتية في الماء، جعل الله من الماء كل شئ حي.
أي، كل ماله حياة خلق من الماء، إذ النطف التي تخلق الحيوان منها ماء، وما يتكون بغير توالد فهو أيضا بواسطة المائية المتعفنة. وكذلك النباتات أيضا لا تنبت إلا بالماء.
ولما كان كل ما هو في الوجود مسبح لربه تعالى بالنص الإلهي، ولا يسبح إلا الحي، قال: (فكل شئ حي، وكل شئ الماء أصله. ألا ترى العرش كيف كان على (الماء) لأنه منه تكون فطفا عليه.) أي، علا وارتفع عليه. والمراد بالماء الذي هو أصل كل شئ (النفس الرحماني) الذي هو الهيولى الكلى والجوهر الأصلي، كما تقدم أن صور جميع الأشياء حاصلة عليه، لا الماء المتعارف. فهو الماء الذي كان عرش الله عليه، إذ العرش كما يطلق ويراد به (الفلك الأطلس)، كذلك يطلق و يراد به (الملك). كما قال الشيخ، رضى الله عنه، في الباب الثالث عشر من الفتوحات: (إن العرش) في لسان العرب يطلق على (الملك) يقال: ثل عرش الملك. أي، دخل خلل في ملكه. ويطلق ويراد به (السرير) (3) ونقل عن

(٣) - اعلم أيها الولي الحميم والصفي الكريم تولاك الله بحفظه، أن (العرش) في لسان العرب يطلق ويراد به (الملك). يقال: ثل عرش الملك. إذا دخل في ملكه خلل. ويطلق ويراد به (السرير). فإذا كان العرش عبارة عن (الملك)، فتكون حملته هم القائمون به. وإذا كان العرش (السرير)، فتكون حملته ما يقوم عليه (السرير) من القوائم، أو من يحملونه على كواهلهم. والعدد يدخل في حملة العرش. وجعل الرسول حكمهم في الدنيا أربعة، و في القيامة ثمانية. فتلا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية). ثم قال: (وهم اليوم أربعة). (الفتوحات المكية، ط عثمان يحيى، ج الثاني، ص ٣٤٧) كان المتصدي للطبعة الأولى للفتوحات المكية الرئيس الأعلى الروحي للثورة الجزائرية، الأستاذ العارف، السيد عبد القادر الجزائري، الذي كان متحققا في التصوف علما وعملا، وكان من أكابر أهل الحق واليقين. وله آثار عرفانية وتعاليق جيدة على الفتوحات المكية. وهو رب السيف والقلم. وتلميذ الشيخ وولده في القران التاسع عشر، وناشر الفتوحات لأول مرة. (ج)
(٩٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 985 986 987 988 989 991 992 993 994 995 996 ... » »»