شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٨٥
يظهر أنواعا مختلفة، فإن شئت قلت المتجلي هو الله في مرآيا الأعيان بالصور المختلفة. كما صارت النار بردا وسلاما على إبراهيم وكانت نارا على أعين الناظرين. وإن شئت قلت أن أعيان العالم هي المتجلية في مرآة وجود الحق بصور مختلفة عند النظر إليه. فالعالم مثل الحق في الظهور والتجلي بالصور.
(فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر، أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي. وكل هذا سائغ في الحقائق.) أي، فيتنوع التجلي في عيون الناظرين بحسب أمزجتهم الروحانية واستعداداتهم، فتظهر بصورها، لكن يتنوع الاستعدادات والأمزجة أيضا على حسب التجلي (17) وذلك بحكم الغلبة: فإن كان حكم المتجلى له غالبا على حكم المتجلي، فيظهر المتجلي ويتنوع بحسب ذلك الحكم، فيغلب أحكام الكثرة على الوحدة. وإن كان حكم المتجلي غالبا على حكم المتجلى له يهبه الاستعداد ويجعله مناسبا لأحكامه، فتغلب أحكام الوحدة على الكثرة. وقد مر في (الفص الشيثي) من أن لله تجليين: تجلى غيب، وتجلى شهادة. فبالتجلي الغيبي يهب للقلب الاستعداد، فيتسع، فيتجلى بالشهود على حسب ذلك الاستعداد (18) (فلو أن الميت والمقتول - أي ميت كان وأي مقتول كان -) أي، سواء كان مقتولا بالظلم، أو بالحق، أو ميتا سعيدا أو شقيا. (إذا مات أو قتل، لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله) لأن العدم شر محض والأعدام بالكلية

(17) - أي، كما أن تنوع التجليات قد يكون بحسب اختلاف الاستعدادات، كذلك قد يكون اختلاف الاستعدادات حسب تنوع التجليات. ويمكن أن يكون الأول بحسب الفيض المقدس، والثاني بحسب الفيض الأقدس - كما قال الشيخ - والقابل من فيضه الأقدس.
(الامام الخميني مد ظله) (18) - قوله: (فيتسع...). كما في شيخ الأنبياء، إبراهيم، صلوات الله عليه. فإن اختلاف التجليات جعل قلبه متسعا قابلا للتجلي باسمه الإطلاقي، فقال: (إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض...) (الامام الخميني مد ظله)
(٩٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 980 981 982 983 984 985 986 987 988 989 991 ... » »»