والزمان، متغير بتغيرات الأزمان والأكوان، فتم لها العالم العلوي الروحاني والسفلى الجسماني، فصارت خليفة في ملكها مدبرة لرعاياها. ولهذا المعنى أورد الشيخ، رضى الله عنه، بعد الحكمة (السليمانية) و (الداودية): تتميما لما يتعلق به الخلافة.
وإنما قارنها بالكلمة (اليونسية)، لأنه كما ابتلاه الله بالحوت في اليم، كذلك ابتلى النفس بالتعلق في الجسم. وكما أنه نادى في الظلمات: (أن لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين). قال تعالى فيه: (ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين). كذلك توجهت النفس أيضا في عين ظلمات الطبيعة والبحر الهيولاني والجسم الظلماني إلى ربها، فانكشف لها وحدانية الحق وفردانيته، فأقرت بها واعترفت بعجزها وقصورها، فأنجاها الله من مهالك الطبيعة، و أدخلها في أنوار الشريعة والطريقة والحقيقة في مقابلة الظلمات الثلاث، (5) ورزقها النعيم الروحاني في عين الجحيم الجسماني. ولمناسبات أخر بين النفس وبينه من ابتلاع حوت الرحم النطفة المشتملة على روحانية النفس المجردة وأنوارها وكونها في الظلمات الثلاث التي هي الرحم والمشيمة والجلد الرقيق الذي فيه الجنين و غيرها من المعاني الجامعة بينهما التي لا يعلمها إلا الراسخون في العلم.
فهذه الحكمة حكمة (نفسية)، بسكون (الفاء). وقيل: نفسية، بفتح (الفاء) (6)، لما نفسه الله بنفسه الرحماني من كربه الذي لحقه من جهة قومه وأولاده، وغير ذلك مما جرى له في بطن الحوت. وليس في تقرير هذه الحكمة ما يدل عليه.
والله أعلم بالمراد (7)