شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٧٠
أي، فمن كان ذا بصيرة وعرفان مكشوف القلب، فيشاهد ما قلنا في الوجود شهودا أعيانيا. ومن لم يكن كذلك، ويكون مؤمنا بالأنبياء والأولياء، فيأخذه عنا تقليدا ايمانيا.
(فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد * عليه وكن بالحال فيه كما كنا) أي، فما في نفس الأمر إلا ما ذكرناه وبيناه لك. فاعتمد على قولنا وكن مشاهد أصحاب الحال في هذا الوجود الدنياوي، كما كنا، ليكون لك أرفع الدرجات، لأنك لا تحشر إلا كما تنشر حال المفارقة.
(فمنه إلينا ما تلونا عليكم * ومنا إليكم ما وهبنا كم منا) أي، فمن الحق نزل إلينا ما تلونا عليكم وبينا عندكم. ومنا نزل إليكم ما وهبناكم من المعارف والعلوم. وفي بعض النسخ: (وليس إليكم ما وهبناكم منا). أي، ليس ما ورد إليكم مما وهبناكم منا، بل من الله. والظاهر تصحيف من الناسخ.
(وأما تليين الحديد، فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد.) أي، وأما كونه بحيث يلين الحديد، فإشارة إلى تليينه بالمواعظ والحكم والتصرفات الروحانية القلوب القاسية الجافية كتليين النار الحديد.
(وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة، فإن الحجارة تكسرها و تكلسها النار ولا تلينها.) أي، تليين الحديد أمر سهل، وإنما الصعب تليين قلوب هي أشد قساوة وصلابة من الحجارة التي هي أشد من الحديد. فإن النار تلين الحديد ولا تلين الحجارة، بل تكسرها وتكلسها، أي تجعلها كليسا، (25) وهو

(25) - الكلس، الجص.
(٩٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 965 966 967 968 969 970 971 973 974 975 976 ... » »»