شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٣٧
(بخلاف فرعون، فإنه قال: (رب موسى وهارون). وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه، ولكن لا يقوى قوته، فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله.) أي، فرعون قيد إيمانه في قوله: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل برب موسى وهارون. لأن الذي آمنت به بنو إسرائيل هو رب موسى و هارون، كما قالت السحرة: (رب موسى وهارون).
فقول الشيخ (رض): (فإنه قال) مجاز، إذ لم يقع هذا القول منه صريحا. و هذا الانقياد وإن كان يلحق بانقياد بلقيس من حيث إن ربهما رب العالمين، لكن لا يقوى بتلك القوة، لنوع من التقييد الواقع في قوله: (فكانت أفقه (وأعلم) من فرعون) بدقائق الكلام.
(وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال: (آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل). فخصص. وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم بالله: (رب موسى وهارون).) هذا اعتذار من جهة فرعون في التخصيص والتقييد. أي، كان فرعون وقت إيمانه بحكم ما يقتضى وقته من الغم والغرق والهلاك. وكان السحرة قالوا في إيمانهم بالله: (رب موسى وهارون)، وخصصوا، لذلك خصص فرعون بقوله: ب‍ (الذي آمنت به بنوا إسرائيل وهو رب موسى وهارون). تذكارا لما سبق، وعدم اعطاء وقته غير ذلك.
(فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان، إذ قالت: (مع سليمان) فتبعته.) أي، كان إسلام بلقيس كإسلام سليمان غير مقيد برب مخصوص، بل مطلقا، لذلك قالت: (أسلمت مع سليمان لله رب العالمين). فتبعته في الإسلام.
(فما يمر بشئ من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك، كما كنا نحن على الصراط المستقيم الذي الرب تعالى عليه، لكون نواصينا في يده، وتستحيل مفارقتنا إياه.) أي، ما يمر سليمان بشئ من المراتب ولا يعتقد في الحق عقيدة بحسب ما يدركه من الحق ذوقا وشهودا وعلما ووجودا، إلا مرت بلقيس معه بذلك العقد و اعتقدت في الحق كذلك، لأنه، عليه السلام، كان متبوعها، والتابع للشخص في عقائده لا يكون إلا على تلك العقائد، وإلا لا يكون تابعا فيها. فذلك، أي
(٩٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 932 933 934 935 936 937 938 939 940 941 942 ... » »»