جعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، فهو كونه عن أمره.) أي، فهو وجود الشئ حاصلا بأمره. (فقال: (فسخرنا له الريح تجرى بأمره). فما هو) أي، فليس ذلك الاختصاص. (من كونه تسخيرا، فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص:) بأحد منا، سليمان كان أو غيره. ((وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه). وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك، ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله. فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية، ولا همة، بل بمجرد الأمر. وإنما قلنا ذلك، لأنا نعلم أن أجرام العالم تنفعل بهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية. وقد عاينا ذلك في هذا الطريق، فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير جمعية ولا همة.) والمقصود هو أن اختصاصه بالتسخير هو التسخير بالأمر المجرد، من غير جمعية القلب والعزيمة بالهمة، ولا بالمعاونة بالأرواح الفلكية، ولا بخواص الأمور الطبيعية والأسماء الإلهية و غيرها. فأمره في التسخير كان قائما مقام أمر الله. وبذلك اختص.
(واعلم، أيدنا الله وإياك بروح منه، أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد، أي عبد كان، فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته، (25) ولا يحسب عليه، مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه (26) فيقتضى ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ما ادخر لغيره