شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٣٣
الاستعداد الذي عليه جميع ما يفيض من الله. والمراد أن وجود سليمان حصل من العناية الإلهية السابقة في حق داود، عليه السلام، بحسب اقتضاء أعيانهما الثابتة ذلك، لذلك خصه الله بالخلافة والملك الذي لا ينبغي لأحد من التصرف في الأكوان.
(فهو) أي، ذلك التصرف في مجلس سليمان. (هو النعمة السابقة) المتممة للنعم التي قبلها في حق سليمان. أو وجود سليمان هو النعمة السابقة في حق داود، عليه السلام. (والحجة البالغة) أي، على عينه يوم القيامة وأعيان أمته. (والضربة الدامغة.) أي، الواصلة إلى الدماغ. في حق أعدائه من المخالفين والكفار.
(وأما علمه) أي، وأما اختصاص سليمان بالعلم. (فقوله تعالى:
(ففهمناها سليمان) مع نقيض الحكم.) أي، وجود الحكم المناقض في المسألة الصادرة من داود، عليه السلام. (وكلا) من الأنبياء، عليه السلام. (أتاه الله حكما وعلما. فكان علم داود علما مؤتى أتاه الله، وعلم سليمان علم الله في المسألة، إذ كان هو الحاكم بلا واسطة.) أي، كان علم داود علما عطائيا، صادرا من الحضرة الوهاب والمعطى، وكان علم سليمان علما ذاتيا، لذلك علم المسألة كما في علم الله.
وفي التعليل بقوله: ((إذ كان...)) إشارة إلى فناء بشريته في حقيته بحصول التجلي الذاتي. أي، فنيت بشرية سليمان وحكم الحق بالمسألة كما يعلمها، لكن في الصورة السليمانية، كما تجلى لموسى، عليه السلام، في صورة الشجرة.
(فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق، كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحى به إلى رسوله، أجران، والمخطئ لهذا الحكم المعين، له أجر.) أي، فله أجران من حيث إنه ترجمان الحق في المسألة بحسب مقامه ومرتبته، كما أن المجتهد المصيب له أجران. أو هو ترجمان الحق، كما أن المجتهد المصيب في الحكم ترجمان الحق وإن لم يعلم ذلك. وكلا
(٩٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 928 929 930 931 932 933 934 935 936 937 938 ... » »»