شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٩٣
بحق ثابت في نفس الأمر.
وقوله: (أي، ما يقتضيه هويتي ولا ذاتي.)، تفسير لقوله: (ما يكون لي).
ومعناه: ما يقتضيه عيني وهويتي أن يظهر بدعوى الألوهية من حيث نفسها المتعينة، كالفراعنة، وإلا ما كانت نبيا ولا من المرسلين. ( (إن كنت قلته فقد علمته) لأنك أنت القائل في صورتي، ومن قال أمرا، فقد علم ما قال. و أنت اللسان الذي أتكلم به) أي، أنت القائل في صورتي، وأنت اللسان الذي أتكلم به بحكم أنك متجل في هويتي وعيني ومحل لها بتلك الكمالات، فهي لك في الحقيقة، ومالي إلا العدم.
فإن قلت: ذلك تكون أنت القائل، والقائل لا بد أن يعلم القول الذي صدر منه. فإن قلت قوله: (لأنك أنت القائل) يدل على ان الحق هو المتكلم، و قوله: (وأنت اللسان الذي أتكلم به) تدل على أن العبد هو المتكلم لا الحق، فبينهما منافاة.
قلت: الأول إشارة إلى نتيجة قرب الفرائض، والثاني إلى نتيجة قرب النوافل. وفي الأول، المتكلم هو الحق بلسان العبد، وفي الثاني، المتكلم هو العبد بلسان الحق، فتغايرت الجهتان.
ولما فسره بما هو مناسب الحديث الرباني، قال: (كما أخبرنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن ربه في الخبر الإلهي فقال: (كنت لسانه الذي يتكلم به).
فجعل هويته عين لسان المتكلم ونسب الكلام إلى عبده.) أي، قال الله في حق عبده: (فإذا أحببته كنت سمعه وبصره ولسانه. فبي ينطق وبي يبصر وبي يسمع). فالمتكلم والسميع والبصير هو العبد، لكن بالحق. وذلك لأن هذا المقام، أي مقام الفناء في الصفات، مقام نتيجة النوافل لا مقام الفناء في الذات مقام نتيجة الفرائض.
(ثم، تمم العبد الصالح الجواب بقوله: (تعلم ما في نفسي).) أي، تعلم ما في نفسي من هويتك وكمالاتك المستترة في هويتي، وما يخطر في خاطري.
(والمتكلم الحق.) أي، والحال أن المتكلم بهذا الكلام هو الحق من مقام
(٨٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 888 889 890 891 892 893 894 895 896 897 898 ... » »»