شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٩٥
بقوله: (إلا ما أمرتني به). بعد نفى هويته العدمية. ولو لم يفعل كذلك، لكان غير عالم بالحقائق، إذ نفى الهوية العيسوية بلا إثبات الهوية الإلهية يكون نفيا مطلقا، وليس ذلك من شأن العلماء الراسخين. ولما أثبت القول لعيسى والقائل هو الحق، قال (رض) عن لسان عيسى، عليه السلام: (وأنت المتكلم وأنت لساني.) (فانظر إلى هذه التنبئة الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها.) (التنبئة) تفعلة من (نبأ). وأكثر الناظرين فيه قرأوا (تثنئة) من الثنى. وهو تصحيف منهم، إذ هذه الحكمة حكمة نبوية ولا يحتاج لتثنئة، بالثاء، إلى الوصف بالروحية والإلهية (60) أي، فانظر إلى هذا الإنباء الروحاني الإلهي ما ألطفها، أي عبارة، وما أدقها، أي إشارة. وما جعلني الله مطلعا إلى مثل هذه الإشارات اللطيفة في هذا الكتاب إلا بعون ومدد من روحانية هذا الكامل، رضى الله عنه، وأرضاه منه.
((أن اعبدوا الله). فجاء بالاسم (الله) لاختلاف العباد في العبادات واختلاف الشرائع، ولم يخص اسما خاصا دون اسم، بل جاء بالاسم الجامع للكل.) أي، جاء بالاسم (الله) الجامع للكل، فإن لكل من العباد ربا خاصا من هذه الحضرة الإلهية، ولكل شريعة اسما حاكما عليه من مطلق الشريعة الرحمانية.
(ثم، قال له: (ربى وربكم). ومعلوم أن نسبته (61) إلى موجود ما بالربوبية،

59 - واعلم، أن العلم بالحقائق يقتضى أن ينفى الأعيان بالنظر إلى ذواتها، وتثبت بالحق. (ج) (60) - في نسخة بعض الشارحين، ومنهم الشارح الكاشاني أستاذ الشارح المحقق، قرأ (التنبئة) من دون التعرض لقرائة أكثر الناظرين. وكان يجب على الشارح التعرض لمثل هذه الدقيقة ومراعاة حق التقدم، ثم يقول، الاطلاع على مثل هذه الإشارات إنما حصل من روحانية الشيخ. (رض). (ج) (61) - أي، الحق. (ج)
(٨٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 890 891 892 893 894 895 896 897 898 899 900 ... » »»