شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٩٧
يقول العبد: (رب اغفر لي). فهو الأمر، والحق المأمور. فما يطلب الحق من العبد بأمره هو بعينه ما يطلب العبد من الحق بأمره.) (ما) بمعنى (الذي). وضمير (بأمره) الثاني عائد إلى (العبد). أي، الذي يطلبه الحق من العبد بالأمر هو الذي بعينه يطلبه العبد من الحق بأمره وقوله: (رب اغفر لي) وذلك المطلوب هو الإجابة.
أي، كما يطلب الحق من العبد إجابة ما أمره، كذلك العبد يطلب من الحق إجابة ما يأمره ويطلبه.
(ولهذا كان كل دعاء (62) مجابا.) ولأجل أن العبد أجاب الحق وأتى بأوامره، أجاب الحق أيضا كل دعاء للعبد، لتحصل المجازاة الموعودة. لذلك قال، عليه السلام: (رب أشعث أغبر ذي طمرين تنبو عنه أعين الناس لو أقسم على الله لأبره) (63) وذلك لكونه مطيعا لله في جميع أوامره، فصار الحق أيضا مطيعا له في مطالبه بحكم ما أمره. كما قال تعالى: (من أطاعني، فقد أطعته، ومن عصاني، فقد عصيته).
واعلم، أن قوله: (كل دعاء مجاب) مع أنه حديث نبوي محمول على الدعاء بلسان الاستعداد والحال، لا بلسان النفس والقال، ولذلك لا يحصل كثير من مطالب المحجوبين والكفرة لا في الدنيا ولا في الآخرة. وعدم الحصول للرحمة عليهم، فإن أكثر مطالبهم مما تضرهم ولا تنفعهم.
(ولا بد وإن تأخر) أي، حصول الإجابة. (كما يتأخر بعض المكلفين)

(62) - أي، دعاء حقيقيا. (ج) (63) - (لأبره) أي، لأبر قسمه. وقوله: (لأبره) أي، صدقه وأحسنه. وأما قوله: (لا يؤبه به) سهو من النساخ. ولم أجد في الحديث هذه الجملة. قوله: (لا يؤبه به) أي، لا يبالي لحقارته. وفي الحديث النبوي: (رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره).
(صحيح المسلم، ج 4، ص 2191. وفي كنز الأعمال، ج 3، ص 152. ح 5925 عن رسول الله: (رب أشعث أغبر ذي طمرين تنبو عنه أعين الناس لو أقسم على الله لأبره). (ج)
(٨٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 892 893 894 895 896 897 898 899 900 901 902 ... » »»