ليست عين نسبته إلى موجود آخر) لأن عبد (المنعم) ليس عبد (المنتقم) وعبد (الرحيم) ليس عبد (القهار). (فلذلك فصل بقوله: (ربى وربكم) بالكنايتين:
كناية المتكلم وكناية المخاطب) ظاهر.
((إلا ما أمرتني به) فأثبت نفسه مأمورا، وليست سوى عبوديته، إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل.) نقل الكلام إلى ما مر، ليقرر ما يتعلق بمقام العبودية أي، قال: (ما أمرتني به) فجعل نفسه مأمورا. وليست هذه الحالة، أو المأمورية، سوى مقام العبودية، إذ لا يؤمر إلا من يمكن أن يمتثل بالأمر.
(ولما كان الأمر يتنزل بحكم المراتب، لذلك ينصبغ كل من ظهر في مرتبه ما، بما تعطيه حقيقة تلك المرتبة.) جواب (لما) محذوف، يدل عليه (لذلك ينصبغ).
تقديره: لما كان الأمر بحيث ينزل في المراتب الإلهية والكونية، كان منصبغا بحكم كل من تلك المراتب. والمراد ب (الأمر) هنا الأمر المكلف، أي، أمر الحق بالتكليف يتنزل من مقام الجمع الإلهي، فيتصف بالصفات الكونية، كالحدوث والإمكان كباقي صفاته: فإن الأمر المضاف إلى القديم قديم واجب الإتيان به، والأمر المضاف إلى المحدث حادث غير واجب الإتيان به. وأمر الشرع أمر الحق، لذلك يجب الإتيان به.
ولأجل هذا الانصباغ تنصبغ وجود كل من ظهر في مرتبة من المراتب الوجودية بما تعطيه حقيقة تلك المرتبة. ألا ترى أن الانسان قبل أن يولى له القضاء، لا يسمع كلامه ولا ينفذ أحكامه، وبعد التولي يسمع كلامه في دماء الناس وفروجهم وأموالهم، والشخص الشخص في الحالتين. فالحكم نتيجة القضاء. وكذلك غيره من المراتب.
(فمرتبة المأمور لها حكم يظهر في كل مأمور.) وذلك الحكم هو الانقياد للأمر والطاعة للحكم والإجابة للدعاء. (ومرتبة الآمر لها حكم يبدو في كل آمر.) وهو التكليف للمأمور والحكم عليه.
(فيقول الحق: (أقيموا الصلاة). فهو الأمر، والمكلف والمأمور العبد. و (*)