شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٩٤
تفصيله بلسان عيسى، عليه السلام. و (التاء) للخطاب إلى مقام جمعه، فهو السامع، كما أنه هو المتكلم.
(ولا أعلم ما فيها. فنفى العلم عن هوية عيسى من حيث هويته، لا من حيث إنه قائل وذو أثر.) أي، نفى الحق المتكلم بلسان عيسى العلم عن هوية عيسى حتى لا يكون له العلم بها. وذلك النفي من حيث هويته العدمية، لا من حيث إنه قائل أو قادر، فإنه من هذه الحيثية حق لا غيره.
وإنما قال: (ولا أعلم ما فيها) ولم يقل: (ما في نفسك). كما في القرآن، تنبيها على أن نفسه عين نفس الحق في الحقيقة، وإن كانت غيره بالتعين.
((إنك أنت). فجاء بالفصل والعماد تأكيدا للبيان، واعتمادا عليه، إذ لا يعلم الغيب إلا الله.) أي، فقال: (إنك أنت علام الغيوب). فجاء بضمير الفصل والعماد، وهو (أنت)، تأكيدا للبيان، وأنه هو علام الغيوب لا غيره. أو تأكيدا لبيان الفرق في عين الجمع، وتحقيقا لفردانية الحق ووحدانيته، ليكون هو علام الغيوب جمعا وتفصيلا.
(ففرق وجمع ووحد وكثر ووسع وضيق) إنما جاء بالتشديد في الكل للمبالغة. كما يقال (قطع) للمبالغة في القطع. ومعناه: فرق بإفراد الحق وجعله مخاطبا، وجمع بجعله ظاهرا في صورته وصورة كل العالم. ووحد من حيث ذاته الأحدية، وكثر من حيث مظاهره التفصيلية. ووسع من حيث شمول هويته للكل، وضيق في كل من مظاهره الشخصية، إذ لا يسعه فيها غيره.
(ثم، قال متمما للجواب: (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به). فنفى أولا مشيرا إلى أنه ما هو ثمة) لما كان (ما) في (ما قلت) للنفي، قال: (نفى أولا). وهذا النفي إشارة إلى نفى وجوده وفناء تعينه في وجود الحق وتعينه الذاتي، فما كان الوجود العيسوي باقيا ليقول قولا.
(ثم، أوجب القول أدبا مع المستفهم. ولو لم يفعل كذلك، لا تصف بعدم علم الحقائق (59) حاشاه عن ذلك، فقال: (إلا ما أمرتني به). وأنت المتكلم على لساني وأنت لساني) أي، أثبت أمر الحق وهويته. وقوله بلسان الصورة العيسوية
(٨٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 889 890 891 892 893 894 895 896 897 898 899 ... » »»