فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب) أي، في كشفه أعيان العباد حال القراءة.
قوله: (كان) يجوز أن يكون ناقصة، ويجوز أن يكون النون مشددة (كأن) لتكون من أخوات (ان). والأول يفيد الجزم، والثاني يفيد الظن والشك.
(عرضا مفصلا) (71) أي، كان الحق يعرض عليه، صلى الله عليه وسلم، كل واحد واحد من أعيان العباد وذنوبهم. (فيقول النبي، عليه السلام له)، أي للحق. (في كل عرض عرض وعين عين:) أي، في عرض فصل فصل وعرض عين عين. ((إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم). فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه) أي، ولو علم النبي، صلى الله عليه وسلم، في ذلك العرض أن الحق لا يريد العفو والمغفرة لهم و يريد القهر والانتقام منهم. (لدعا عليهم لا لهم.) لأن الأنبياء واقفون مع إرادة الحق، ولا يشفعون للأمم إلا بإذن الله تعالى.
(فما عرض عليه (72) إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.) أي، ما عرض الحق تعالى على رسوله، صلى الله عليه و سلم، ليلته الا شيئا استحقت أعيان العباد بذلك الشئ العفو والمغفرة، وليس ذلك الشئ إلا ذنوبهم، فإن الذنب هو الذي يطلب المغفرة، وبه يصير الحق غفورا. فما استحق العفو إلا الأعيان التي استحقت العفو والمغفرة في الأزل، إلا الأعيان (73) التي سبق العلم فيها بأنها داخلة في حكم (المنتقم) و (المعذب)