مفلس، فلا تدعى أنك عالم بالحقائق، كما لا يليق بالمفلس أن يدعى الغنى، حتى لا يكون كمن قال، رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيه: (المتشبع بما لا يملك كلابس ثوبي (54) زور). وفي بعض النسخ: (فاعلم فإذا بمعناه). وقد يجزم ب (إذا) في الشعر ضرورة، كقول الشاعر:
(وإذا تصبك من الحوادث نكبة فاصبر، فكل غيابة (55) فستنجلي) فيكون (تعلم) مجزوما للضرورة.
(لو كان يطلب غير ذا * لرآه فيه ومانكس) أي، لو طلب موسى، عليه السلام، غير النار، لرأى الحق في صورة مطلوبه كان ما كان، وما نكس الحق وجهه عن المطلوب الحقيقي لقوة صدقه في الطلب وكثرة توجهه إلى الحق، فلو طلب ما طلب، لظهر له الحق فيه وما قلب وجهه عن حضرته. فطوبى لمن لا يتوجه إلا إليه، ولا يضع رأسه إلا بين يديه.
(وأما هذه الكلمة العيسوية لما قام لها الحق في مقام (حتى نعلم) (56) ويعلم، استفهمها عما نسب إليها (57) هل هو حق أم لا، مع علمه الأول (58) بهل وقع ذلك الأمر أم لا؟) لما تكلم في الإحياء الحسى الجسماني والإحياء المعنوي الروحاني في حكمة الكلمة العيسوية، شرع في بيان مطلعات ما جاء في كلمته من الآيات. و معناه: أن الحق لما قام لها، أي للكلمة العيسوية في مقام: (حتى نعلم ويعلم) - الأول بالنون للمتكلم والثاني بالياء للغائب - أي في مقام الفرق كما قال تعالى: